س: ما هو رأيكم بمقابلة السيد رئيس مجلس الوزراء الاخيرة مع فضائية العراقية؟
ج: عتبي، انه هاجم الجميع واعتبرهم كل في موقعه متآمراً وخادعاً للشعب ولم يبرىء احداً سوى نفسه.. الكلام عن الشعب لا يصح بهذه الطريقة. هذا كلام قد يقوله باحث او مواطن، لكنه ان يصدر من رئيس مجلس وزراء العراق وهو في منصبه، فهذه مسألة يجب مراجعتها. على الاقل هذا اجتهادي. ولو قال اي رئيس وزراء في العالم خلال توليته عن شعبه ما قاله رئيس وزرائنا  لثارت عليه الدنيا ولم تقعد.. لم يترك دولة رئيس الوزراء احداً الا واصابه بشيء. فاتهم الكتل والقوى السياسية بالمراوغة والخداع. واتهم اخرين بقلة الادب.. واتهم العلماء والدول ولم يترك احداً.. والمقابلة فيها الكثير من التناقضات التي يدحض بعضها البعض الاخر
س: واتهام المفوضية والامم المتحدة وتزوير الانتخابات والتلاعب بها؟
ج: نعم هذا ما يقوله دولة رئيس الوزراء في مقابلته او يستنتجه ضمناً.. فالى لحظة تخليه عن قناعته بانه سيكون القائمة الاولى كان اصراره على ان الكتلة الاكبر هي القائمة الفائزة.. و رد على احتجاج المعترضين على النتائج في مؤتمر علني نقلته جميع الوكالات مع مجموعة الاتحاد الاوروبي مشيداً بنزاهة الانتخابات والمفوضية معتبراً ان الاحتجاج هو ديدن الخاسرين. ثم انقلب الامر تماماً وتغير المنطق بعد ان وصلت المعلومات عن تغير مواقع القوائم. بدأ الهجوم على المفوضية والامم المتحدة وعطلت البلاد والعملية في طعونات واعمال عد وفرز لم تغير شيئاً. لاشك انه حصلت بعض اعمال التزوير.. لكنها هل كانت ستغير النتائج الاساسية او تطعن في نزاهة الانتخابات بشكل عام. اذ من المؤسف ان تحصل العملية على تزكية وحصانة المنظمة الدولية لنآتي نحن ونطعن في الالية الاساسية لنظامنا السياسي. ان اتهام المفوضية والامم المتحدة ومن هذا المقام الرفيع سيلقي ظلالاً خطيرة على مجمل الانتخابات وشرعية  الجميع بما فيهم دولة رئيس الوزراء، وهو ما كان يجب الابتعاد عنه من قبل مسؤول كبير.. فالمسؤول عند ادائه مسؤولياته الرسمية هو ليس في موضع جدل او انفعال ليسمح لنفسه بان يقول انني سارد الصاع باربع وانا لا اجامل ويتهجم على الاخرين على مزاجه. كلامه كلام الموقع والدولة والحكومة ويجب ان ينطق باسمها وبطرقها ووسائلها، وذلك عندما يكون امام الرأي العام. اما في بيته ومع اصدقائه، وفي داخل حزبه وائتلافه فليقل ما يشاء. واتذكر مرة في الانتخابات الفرنسية المناظرة الاخيرة بين السيد فابيوس عندما كان رئيساً للوزراء، مرشحاً عن اليسار، ومنافسه السيد جاك شيراك عندما كان في حينها محافظ باريس واصبح بعدها رئيساً للجمهورية.. عندما انفعل فابيوس وضرب بيده كأس الماء الذي امامه وقال لشيراك لا اسمح لك بمثل هذا الكلام فانت في حضرة رئيس وزراء فرنسا.. هذه الحادثة لم تسقط فابيوس في الانتخابات فقط بل اسقطته سياسياً وهو السياسي البارع  الذي كان يعده اليسار كزعيم لتياره. اذ اعتبر الرأي العام سلوك فابيوس بالتهديد واستغلال المنصب. فالموقع يعطي صلاحيات عظيمة.. لكنه يضع ضوابط ومسؤوليات اعظم
س: لنبدأ بقضية حكومة تصريف الاعمال اليومية؟ هل صحيح ما يقوله السيد رئيس مجلس الوزراء من ان الحكومة هي حكومة كاملة الصلاحيات؟
ج: صحيح قول دولته بان هناك مادتين دستوريتين حول الموضوع.. الاولى عند استقالة او اقالة رئيس مجلس الوزراء وبالتالي الحكومة.. والثانية عند حل مجلس النواب. ونضيف من عندنا ايضاً انه لا توجد مادة دستورية مباشرة تقول بانه عند حلول موعد الانتخابات تعتبر الحكومة مستقيلة وتتحول الى حكومة تصريف امور يومية. لكن هل يكفي ذلك لكي نستنتج بان الحكومة ليست حكومة تصريف امور يومية. اطلاقاً. فالحكومة هي بامتياز حكومة تصريف امور يومية بموجب ذات المادة الدستورية التي تعتبر انه عند حل مجلس النواب فان الحكومة تتحول فوراً الى حكومة تصريف امور يومية. فالعلة الاولى والاخيرة في التصريف وعدم التصريف هي وجود او غياب السلطة التشريعية. والسلطة التشريعية السابقة انتهت بنهاية سنتها الرابعة حسب الدستور. وقد تقدم رئيس مجلس النواب السابق الدكتور السامرائي الى المحكمة الاتحادية طالباً التمديد، لكنه لم يتلق رداً ايجابياً. فمجلس النواب بات منحلاً وغائباً دستورياً وواقعيا وانتهت الدورة الاولى بالكامل وبقيت البلاد تنتظر انعقاد الدورة الثانية. كان يجب اعتبار مجلس الوزراء مع رئيسه ورئاسة الجمهورية بحكم المستقيلين والمكلفين بالبقاء في مواقعهم وادارة الحكم وفقا لقاعدة تصريف الامور اليومية، وذلك منعاً من التعطل او التعطيل ولكن على وفق محددات يعرفها دستوريو وقانونيو ومشرعو الدولة وليس الاعتماد على رؤية شخص واحد هو صاحب مصلحة في الامر.. اذ لا يمكن لحكومة ان تعمل بكامل امكانياتها وصلاحياتها وكأنها في وضع طبيعي كما يصر على ذلك دولة رئيس مجلس الوزراء بدون رقابة وبدون مساءلة واستجواب. وان قضايا كثيرة لعمل كل السلطات تتعلق بوجود او غياب مجلس النواب.. ويمكن سرد الكثير من الحجج التي جعلت الجميع يقتنع بذلك الا دولة رئيس مجلس الوزراء. ففي الاجتماع الذي عقده التحالف الوطني العراقي مساء 26 تموز ذكر ممثل دولة القانون الاستاذ الاديب بان كتلته  ستؤيد غداً عند لقاء الكتل النيابية توصيف الحكومة بحكومة تصريف امور يومية.. وهو ما حصل فعلاً في البيان الذي القاه سماحة الشيخ العطية. كما  وذكر ايضاً الاخ الاستاذ الاديب في الاجتماع المذكور بانه سيصدر غداً تصريح من الحكومة بهذا الشأن.. وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة ان الحكومة هي كحكومة تصريف اعمال يومية. بل هذا هو الاجراء الدستوري الذي لم يناقش فيه احد عند انتهاء العهد السابق وبداية العهد الجديد، اي بعد انتهاء حكومة الدكتور الجعفري الاولى القائمة على قانون ادارة الدولة واجراء عملية الانتخابات الذي اعتبر التصديق على نتائجها بدء العمل بالدستور الدائم. ففي اوائل 2006 وفي ظل الدستور الدائم دعي مجلس النواب في موعده، اي بعد اقل من 15 يوماً من التصديق على الانتخابات، وادى جميع المسؤولين التنفيذيين اليمين الدستورية باعتبارهم بحكم المستقيلين.. وعممت الحكومة بقرار من رئيس وزرائها حينذاك دولة رئيس مجلس الوزراء الاسبق الاخ الدكتور الجعفري انها حكومة تصريف امور يومية. على الرغم من ان انتخاب رئيس مجلس النواب ورئاسة الجمهورية وتكليف رئيس الوزراء لم يجر الا بعد اسابيع من اداء اليمين الدستورية. وان المادة الاولى من الدستور تحدد طبيعة النظام السياسي في جمهورية العراق وتصفه  “بالنظام النيابي (البرلماني) الديمقراطي”.. هذا هو المحور العام الذي تدور حوله بقية القضايا. وهو محور سيعطل غيابه كل شيء.. وستتوقف الحركة بالتدريج. لاؤكد بعد ذلك كله بان مجلس الوزراء او دولة رئيس الوزراء لا يستطيع ان يقرر بمفرده استناداً الى اراء خاصة او حتى اراء مستشاريين او قانونين. فالامر يتعلق بالدولة كلها وليس بمؤسسة واحدة .. فهي لا تمتلك سابقة ولا مادة دستورية او قانون او قرار من مجلس النواب او الرئاسة او المحكمة الاتحادية العليا يسمح لها بذلك. ان مجلس الوزراء او رئيس مجلس الوزراء عندما يقرر ذلك بمفرده فانه يرتكب مخالفة غاية في الخطورة. ان موقعه كما يسميه القانونيون والدستوريون هو في منطقة تدافع المصالح او منطقة نزاع (conflict of interest)  ولا يستطيع ان يكون هو طرفا بين اطراف ليكون هو ايضاً حكماً عليها، مع الاخذ بالاعتبار انه ليس متقدماً من حيث مسؤوليات الدولة على اي منهم. ان المشرع -ايها السادة- لا يريد اضعاف الحكومة او توهينها بل يريد حمايتها وحماية مصالح الناس. فالمسؤول التنفيذي قد تغريه السلطة وقد يصيبه الوهم ويستخدم ادواته القانونية والادارية والتنفيذية والاجرائية لتمرير ذلك واستخدام شتى الذرائع لابقاء البرلمان معطلاً، خصوصاً في اوضاعنا حيث مجلس الوزراء  لا يحكمه نظام داخلي مقر وهو ما يعرض مجمل المصالح العامة ومستقبل البلاد ونظامها السياسي لخطر شديد. ارجو ان يثق دولة رئيس الوزراء بان الهدف من هذا النقاش هو ليس لاضعافه او الاتيان برئيس وزراء ضعيف. فنحن جزء من السلطة التنفيذية.. وقد يغرينا الراتب العالي الذي نتقاضاه والامتيازات الكثيرة التي نتمتع بها، او كما يقول دولة رئيس مجلس الوزراء واصفاً رئاسة الجمهورية “بالامتيازات واللامسؤولية ولا انفجارات ولا ماكو كهرباء ولا هاي المشكلة ولا مشكلة يومياً مع الدول الاقليمية”.. وهذه زلات لسان كثيرة وغير صحيحة وغير لائقة ولا ادري كيف ستقبله رئاسة الجمهورية.. وكيف ستحتفظ بهيبتها امام شعبها وامام العالم وهي تمثل رئاسة الدولة ورمز وحدة الوطن والضامن للالتزام بالدستور والمحافظة على استقلال العراق، وسيادته ووحدته وسلامة اراضيه. وهي مع مجلس الوزراء الركن الثاني للسلطة التنفيذية بكل اعبائها ومسؤولياتها.
س: ما سبب اصرار السيد المالكي على هذه الموضوعة؟
ج: الجواب واضح وارجو ان لا تدفعني الى تكرار فهم معين لطريقة اداء دولة رئيس الوزراء وهو الذي يسبب له هذه المعارضات الواسعة لتوليته هذا المنصب مجدداً. ارجو ان تعذرني من المماحكة ولنبق فقط عند توضيح الحقائق والمواقف دون الدخول في قراءة النوايا او الشخصنة.
س: يذكر دولة رئيس الوزراء ان جميع القوائم قد صنعت في الخارج عدا قائمتين هي قائمة القانون والتحالف الكردستاني. فما حقيقة الامر؟
ج: هذا اتهام وتجاوز خطير على مجمل القوى وعلى العملية الديمقراطية والسياسية في العراق. وهذا محرج لجنابه قبل ان يكون محرجاً للاخرين. فاذا كان الامر كذلك فلماذا يفاوض “العراقية” وهو الذي اتهمها بشتى التهم؟ ولماذا يقول انه كان مصراً على الاندماج مع الائتلاف الوطني ويطلب ترشيحه له. لماذا يطلب دعم وترشيح قوائم صنعت في الخارج ثم يهاجمها عندما لا تتفق معه. هذا كلام لا يصح من مسؤول وقيادي كبير.. لا ينكر ان هناك تدخلات خارجية.. وقد كررنا مراراً ان ما نعتبره تدخلاً في الشأن العراقي هو عندما يقبل المسؤول او السياسي العراقي قرارات الخارج. اما فهم الظروف المحيطة واتخاذ القرارات بناءً على رؤية داخلية ووطنية فهذا امر طبيعي. ان الكل يتشاور في عالم اليوم. المعيار هو القرار الذي يتخذ.. فهل هو لاعتبارات وطنية ام تنفيذاً لاجندات خارجية. وارجو ان لا نسمع من دولة رئيس الوزراء انه لم يرسل اعلى مستشاريه وقياداته للاجتماعات ولبناء المواقف المشتركة وتلقي الدعم المطلوب.. وانه لم يلتق هو وغيره برجال مخابرات من دول اجنبية داخل العراق وخارجه. ان الحركة السياسية لا تعيش ظروف الخمسينيات حيث كان يعتبر الجلوس مع اجنبي مؤامرة وخيانة.. مما شكل عقلية التآمر التي ما زالت راسخة في ذهن الكثيرين. الدول تلتقي.. والساسة من مختلف الدول يتباحثون ويتصادقون ويجلسون ويحللون ويمتدحون وينتقدون سياسات بلدانهم او غيرهم من بلدان. هذا امر بات عاماً وشاملاً لدى حركات المعارضة او لدى ادارات الحكم والقوى السياسية.. ان ترشيح الاستاذ دولة رئيس مجلس الوزراء اليوم يتمتع بدعم اجنبي واقليمي من دول معينة في حين ترفضه اخرى.. فهل نحلل ونحرم كما نشاء ام نضع قاعدة عامة تنطبق على الجميع. اكرر واقول ان الكلام الذي صدر عن دولة رئيس الوزراء غير واقعي وغير منطقي وغير قابل للتطبيق. فالادوار والمسؤوليات السياسية تدفع الجميع للقاء داخل وخارج العراق ولا عيب في ذلك ما دام يتم على وفق المعايير التي ذكرناها.
س: لكن السيد المالكي يقول بانه قد حاز على تصويت لشخصه هو ما يعطيه الحق في الاصرار على رئاسة الوزراء؟
ج: من حق دولة رئيس الوزراء ان يرشح نفسه وان يصر على نفسه لكن في اطار السياقات والقواعد وليس خارجها. ان استطاع الحصول على 163 صوتاً فسيكون رئيساً لمجلس الوزراء ولا خلاف حول ذلك. لكنه  لا يمكنه افتراض الاشياء فيقتنع بها هو ويبدأ بالعمل وفقها ويتكلم عن المستقبل وفقا لذلك، ويريد من الاخرين -وهم اغلبية حتى الان على الاقل- ان يسيروا خلفه ويخضعوا لترتيباته. لقد حصل دولة رئيس الوزراء على تصويت عال وجاء اولاً في بغداد من حيث عدد الاصوات. لكن هذا لا يعطيه بُعداً سوى زعامة قائمته، ولا يستطيع ان يستنتج انه مرشح القوائم الاخرى ومن سيكلفه رئيس الجمهورية ويقبله الشعب. انظمتنا  تتكلم عن مرشح الكتلة الاكبر. وهو لم يحصل على ان يكون مرشح هذه الكتلة ان كان المقصود بذلك التحالف الوطني. وعبثاً يؤسس لنفسه حقيقة ويقول بان قائمته كان يجب ان تحصل على 104 مقعداً “لولا نظام الانتخابات ونظام التلاعب”. اسألكم بالله هل هناك جهة اقدر على التلاعب من قائمة ضمت 16 وزيراً ويرأسها رئيس السلطة التنفيذية الاعلى في البلاد والقائد العام للقوات المسلحة.. من هو اقدر ممن يمتلك الامن والاموال والاجراءات وحرية الحركة واعطاء التصريحات وايقاف الاجراءات كقائمة دولة رئيس الوزراء. ان دولة رئيس الوزراء بكلامه اعلاه لا يقلل من شأن الاخرين بل يقلل من النتائج الطيبة التي حصل عليها. فكلامه عن انه “حينما يكون عندنا  (670) الف صوت في بغداد فقط و 89 مقعداً التي هي تقارب المليونين صوت انتخبونا (اصحح كلامه واقول.. اكثر من 2،5 مليون صوت)”.. يواصل فيقول “هل من حقي ان اتنازل الى من لم يعطه العراقيون صوتاً؟ او لم يحصل على اكثر من عشرين الف صوت.. هل يحق لي ذلك من الناحية الشرعية والوطنية ان افرط في اصوات العراقيين”.. هذا الكلام في غاية الخطورة لانه يشير اولاً الى اصرار ورفض عن الخضوع للمنطق الدستوري والانتخابي ليأتي كل منا ويحسب حساباته الخاصة او حساباته الشرعية ويقول هل يحق لي شرعاً او وطنياً  ان افرط باصوات العراقيين. اصوات العراقيين كانت اكثر من 12 مليون صوتاً، ودولة القانون لم تحصل منها سوى على 16% منها..  يجب ان يحصل رئيس مجلس  الوزراء على 50% من اصوات العراقيين او ما يعادل 163 مقعداً في مجلس النواب، حينذاك يصبح ملزماً بعدم التفريط باصوات العراقيين.. واذا ما فرط او مُنع فسنقف لنصرته وبدون اي تردد.  ان كلام دولة الرئيس حجة عليه وليس له.. والا، لماذا لا نذهب فوراً الى الاخ الدكتور علاوي لنقول له تولى رئاسة الوزراء لان لديك 91 مقعدا وما يقارب نصف المليون صوت في بغداد فقط، وتتقدم قائمته بالاصوات على غيرها. ان الحقيقة هي الحقيقة..  وان من يعترض على ترشيح دولة رئيس الوزراء لن يحققوا هدفهم الا باصوات ومقاعد اكثر وحققوا النصاب. لا توجد في الاطار الرسمي للاجراءات الدستورية مرحلتان وآليتان وبرلمانان، بل هناك مرحلة والية وبرلمان واحد. ان اليات القوائم وكيف تنتخب مرشحيها هو شأنها وليس شأناً دستورياً او سياقاً اجرائياً من اجراءات الدولة والحكومة.. هذا المنطق والتعليل يقف بالنهاية ضد ما يقوله دولة رئيس الوزراء، وهو في النهاية هدية لمنافسيه.. ولا يرتب اي منطق او حق لمرشح القائمة الثانية. فرئيس وزراء دولة العراق يمكن ان يأتي اصلاً من خارج القوائم ومن خارج المرشحين والفائزين. ان اي عراقي ترشحه الكتلة الاكبر ويؤيده 163 مقعداً في مجلس النواب وتتوفر فيه بقية الشروط يستطيع ان يتبوأ هذا الموقع. ان دولة رئيس مجلس الوزراء عندما يتكلم عن ارقامه وارقام قائمته بهذا الشكل الاحادي سيدفع الاخرين للنظر للامور من زوايا اخرى ستقلل بالتحليل الموضوعي كثيراً من قيمة النتائج الجيدة التي حققها. فالانتخابات كانت انتخابات على اساس المحافظات ولم تكن انتخابات وطنية لنستنتج مثل هذه الاستنتاجات. وبغداد فيها ربع سكان العراق. فاذا اردنا المقايسة فان الاستاذ المالكي قد لا يتقدم على العديد من المرشحين اذا ما وضعت معايير مشتركة لتحديد مدى الشعبية… واذا وقفنا عند امرين فقط وهما الوعاء الانتخابي وسلوك القائمة لتوزيع الاصوات بين مرشحيها او تركزها نحو الرمز والقائد فان الامور قد تختلف.. فعندما يتم نقاش المسألة بهذا الشكل، فمن حق الاخرين ايضاً ان يقولوا ان  جزءاً اساسياً من الصوت هو لمنصب رئيس الوزراء. وانه في الدول الديمقراطية تحتسب دائماً نسبة للمنصب فكيف الحال بنا في دولنا البيروقراطية. وانني لا اجد تفسيراً كيف يمكن لرئيس القائمة ان يحصل على هذا العدد من الاصوات ثم يأتي الشخص الثاني في حزبه باقل من 1% من الاصوات التي حصل عليها الرئيس. ولو اراد البعض المباهاة وطبقنا نفس المعايير المركزية والفردية لاعتبر كثير من المرشحين متقدمين على رقم دولة رئيس الوزراء عندما يقارن الصوت المتحقق بالوعاء الانتخابي للمنطقة الانتخابية وسياسة القائمة في التركيز او عدم التركيز على رؤساء القوائم والرموز. ان رئيس مجلس الوزراء الذي خاضت قائمته الحملة تحت مقولة “وهج السلطة وكاريزما القائد” وباسم رئيس الوزراء هو الوحيد الذي نشر الاف الصور والملصقات في عموم العراق قبل بدء الحملة الانتخابية.. ان دولة رئيس الوزراء هو الوحيد الذي ترافقت صور المرشحين الاخرين في قائمته مع صورته.. اذا نظرنا للمسألة من هذه الزوايا فقد يكون فوز السيد جعفر الصدر باكثر من 27 الف صوت، وهو الذي جاء ثانياً في دولة القانون دون ان يرفع صورة او يصرف فلساً او يشن حملة انتخابية، قد تكون لها من المداليل اكثر بكثير من غيره. وهذا امر لم ينفرد به السيد حعفر بل يشمل عديدين، فيجب عدم غبن الناس.
س: يذكر الاستاذ المالكي ان الائتلاف الوطني يرفض ترشيحه ولا يتقدم بمرشح، وبانه يتحدى الائتلاف الوطني ان يتقدم بمرشح يحصل على 80 مقعداً وانه على استعداد لتجميد ترشيحه ان استطاع احدهم تحقيق ذلك.. او ان استطاع على تحقيق 163 صوتاً في البرلمان؟
ج: هذا سؤال جيد وحصل ويحصل فيه لغط كبير. اولاً ان دولة القانون هي ليست الكتلة الاكبر لتستطيع ترشيح مرشح منها.. وان الكتلة الاكبر هي “التحالف الوطني” ان استطاع الاتفاق على مرشح واحد يتفق عليه. واذا فشل في ذلك فان الحق الدستوري سيعود الى القائمة العراقية. التحالف الوطني ليس اندماجاً بين قائمتين ليستطيع الاخ الاستاذ المالكي القول بانه صاحب الحق لانه يمتلك 89 مقعداً وان الاخرين يمتلكون 70 مقعداً. فقد طرح الائتلاف الوطني الاندماج قبل الانتخابات. ولكن الاخ الاستاذ المالكي رفض باصرار شديد الامر ما لم يرتبط الاندماج باليات تضمن في النهاية اختياره للموقع. وهو ما رفضه الائتلاف. وان التفاوض معه من قبل الائتلاف الوطني قد استمر الى ساعة متأخرة من تقديم القائمة الى المفوضية دون جدوى. وبعد الانتخابات، وبعد ان توضحت الارقام، جاءت دولة القانون هذه المرة طالبة الاندماج.. رفض الائتلاف الوطني قضية الاندماج ووافق على قضية الاتفاق شريطة ان توضع ضوابط لاختيار رئيس الوزراء، وذلك انسجاماً مع موقفه قبل الانتخابات من قضية رئيس مجلس الوزراء. لذلك لم يقرر الاتفاق على تشكيل التحالف الوطني الا بعد وضع ضوابط اتفقت عليها القائمتان. وعلى الاخ الاستاذ المالكي ان يحسم امره بين مسارين. اما ان يذهب لاطراف الساحة الوطنية ليحصل على تأييدها في الاغلبية المطلقة في مجلس النواب.. او ان يذهب الى الائتلاف الوطني ليحصل على تأييده للترشيح. لا خيار ثالث بين الامرين. وقد حاول وذهب الى كل الاطراف الوطنية، ولم يحقق شيئاً ملموساً او متفقاً عليه لحد الان. نتمنى له ان يوفق في النهاية. كما انه جاء الى الائتلاف الوطني ولم يحصل بالاجماع على تأييد لترشيحه. وعليه فان كلام الاستاذ المالكي مطالباً الائتلاف الوطني تقديم مرشحين وبخلافه سيفوز بالتزكية هو كلام قد يقنعه لكنه لم ولن يقنع الاخرين ولا اساس حقيقي له.. ان اشاراته عن ما جرى في الائتلاف العراقي الموحد وانه جاء كوريث للاخ الدكتور الجعفري.. وانه حصل على 64 مقعداً مقابل 63 مقعداً هو كلام غريب وفيه بناءات تثير الشبهة عن وحدة المعايير المستخدمة. فبعد ازمة الاخ الدكتور الجعفري جاء اختيار الاخ المالكي بالتوافق والاجماع وليس لانه وريثاً لاحد. ونتذكر جميعاً ان الخيار الاول لحزب الدعوة الذي طرحه على الائتلاف العراقي لم يكن للاستاذ المالكي بل كان للاخ الاديب. لكن تطورات اقليمية ودولية دفعت بالامور الى غير تلك الوجهة.. لقد كان الائتلاف موحداً في الانتخابات ووضع اليات اختيار رئيس الوزراء بالتوافق او التصويت في هيئته القيادية ثم العامة وهو ما كان، بعد ان كان قد حسم الامر بالتوافق قبل ذلك في الحكومة الانتقالية للاخ الدكتور الجعفري.. الحالة هنا مختلفة تماماً. و”الوطني” والقانون” لم يخوضا الانتخابات مشتركين.. وان قيام التحالف الوطني هو ليس اندماجاً بل اتفاقاً.. وان الاليات المتفق عليها كتابة تتضمن الاجماع والاتفاق اولاً.. ثم القبول بمن يحصل على 80% من المرشحين المتقدمين.. فلم تشترط الاليات لا الترشيح ولا النص او حتى التفكير بانه عندما لا يتقدم سوى بمرشح واحد  فانه سيفوز بالتزكية، كما يفترض دولة رئيس الوزراء في مقابلته. كل هذا من نسج الخيال ليس الا.. الائتلاف الوطني عبر عن موقفه بوضوح وصراحة بان الاسم المقدم من دولة القانون غير مقبول لديه، وطالب القانون بتقديم مرشح بديل. فنحن لسنا في دائرة تقديم ترشيحات او خوض انتخابات وان هناك نظاماً متفقاً عليه بانه ان لم يتقدم سوى مرشح واحد فانه يفوز بالتزكية… وعليه بدل السباب والاتهامات المبطنة والظاهرة لابد من تغيير هذا الاسلوب واللجوء الى اساليب اكثر اقناعاً. ان العمل السياسي فيه دبلوماسية وحوارات وجلسات سرية وصفقات وهذا ليس سراً، ولا احد يستطيع ادعاء خلاف ذلك. لكن ما يهم في النهاية هو التكييف القانوني الذي تقبله الاجراءات النظامية..  نعود بعد ذلك لنقول انه بعد اعلان “التحالف الوطني” بيومين اعلن عن بدء المباحثات بين “القانون” و “العراقية”، على الرغم من تكذيبات “القانون” لتسريبات بعض اعضائها عن احتمالات ذلك اللقاء. لم تتم مشاورة الائتلاف الوطني.. مما يوضح نظرية الدوائر.. نأخذ اصوات الائتلاف الوطني لنفاوض بها “العراقية” ونأخذ اصوات “القانون” لنفاوض بها الائتلاف الوطني. فمن يضع يده في جيب من ليأكل او يأخذ من غير حصته وحقوقه، كما يلمح دولة رئيس الوزراء؟.. ومن يسعى لاستثمار رصيد الاخر. فالائتلاف الوطني حدد طريقين واضحين.. اما ان يذهب مع “القانون” مما سيشكل 159مقعداً.. او ان يذهب الى “العراقية” مما سيشكل 161 مقعداً. وفي الحالتين سيكون الامر قريباً من العتبة الدستورية، خصوصاً ان الطريقين يتلازمان مع حوارات واتفاقات ومفاوضات تجري مع الكردستاني والقوائم الاخرى.  على الرغم من ذلك وعندما قررت اكبر قائمتين التفاوض لم يقف الائتلاف الوطني معرقلاً. ولم يلوح بورقة “التحالف الوطني”. بل تمنى على الطرفين النجاح في جهودهما للوصول باسرع وقت الى تشكيل الحكومة. وعلى الرغم من علمنا ان المفاوضات كانت مفاوضات جدية (وليس مجاملات ورد سلام وشرب قهوة) وتتم برعاية دولية وانها الان في الجولة الثالثة.. على الرغم من ذلك  حاول الائتلاف الوطني الثبات على موقف واضح بعيداً عن المناورات والضغوطات. وهو ما قاد به الى المؤتمر الصحفي في مطالبة “القانون” بمرشح جديد.. وان الائتلاف الوطني المستقل في قرارته لم يغلق الباب مع القانون ولا مع غيره. انه فقط يقدر المصالح ويجتهد في ذلك مع احترامه للاخرين.. وانه قد ترك الفرصة لاكبر قائمتين تمتلكان 180 مقعداً ان تتفقا. فان عجزتا فان السياقات الاخرى كلها ستكون مفتوحة. مع التأكيد -كما صرح الاستاذ الاعرجي- ان الائتلاف الوطني لن يطلب اكثر من سويعات لاعلان مرشحه اذا ما اصبح في دائرة المبادرة والتشكيل. وهذا كلام لا يقال للتكتيك والمناورة بل هو حقيقة نرجو من الاخرين اخذها جدياً وعدم البناء على خلافات داخل الائتلاف نعتقد انه قطع شوطاً كبيراً في تذليلها.
س: لكن الاستاذ المالكي يقول بانه لن يسلم هذا الموقع وانه يقف سداً ضد التدهور الذي قد يحصل.. وانه يعتبر هذه الوقفة جزءاً من جهاد بل يتكلم باسم “المكون الشيعي”؟
ج: لاشك ان دولة رئيس الوزراء يستطيع ان يتبنى الموقف الذي يراه صحيحاً للدفاع عن مبادئه وعن الشعب العراقي.. لكننا هنا لا نتكلم عن تيار له خطة مستقبلية لمواجهة اخطار ولا عن معارك ومجاهدين.. كل ما يتم الكلام عنه هو توفير الاليات الدستورية لتقديم مرشح لمجلس النواب. انه يستطيع ذلك بالارتكاز على ألـ 89 مقعداً التي يمتلكها الان ليحصل على تأييد ما لا يقل عن 74 مقعداً اضافياً ليتمكن من توفير النصاب اللازم. هذا حق له ولغيره.. واذا لم يحصل على التأييد اللازم فيجب ان لا يكيل الاتهامات والشبهيات على الاخرين الذين يختلفون معه في الرأي. اما “المكون الشيعي” فيجب عدم التلاعب به. وان الدفاع عن الشيعة حق كما هو الدفاع عن السنة والتركمان والكرد والمسيحيين وغيرهم. الدفاع عن الشيعة او غيرهم دفاع عن الشعب العراقي.. و الدفاع عن الشعب العراقي هو دفاع عن المكونات والجماعات والمواطنين. العلاقة متلازمة في كل حلقاتها ولا انفكاك او تناقض او تصادم فيها. لكن المكون الشيعي يجب ان لا يستغل مرتين.. مرة لاخذ التفويض باسمه لاخضاع بقية اطراف الساحة.. ومرة لفرض الاستبداد والسيطرة على المكون ذاته وعلى عموم الساحة. ثم عندما  تتحقق لنا السيطرة نبدأ بالكلام على  الطائفية والخروج منها واتهام الاخرين بها. ان طائفية الاقلية التي استثمرتها جغرافية صدام حسين (حسب تعبير الشهيد الصدر).. والسلوكيات الطائفية التي نراها اليوم والتي تستثمر جغرافياتها، كلاهما مرفوضتان.. واننا يجب ان لا نستبطن الاشياء.. فنعلن شيئاً ثم نطبق اشياء اخرى. ان ذلك كله عودة لشكل من الاشكال الماضية يجب الحذر منها. في السابق يأخذون بزمام الحزب عبر قيادة تبداً من الاعلى الى الاسفل.. ثم يأخذ الحزب عبر مفاهيم الجبهة من جهة والقمع من جهة اخرى ليسيطر على الحياة السياسية. ثم يتم السيطرة على الشعب والمجتمع وهيئاته ومكوناته.. ثم تعلن الانتخابات المعروفة نتائجها مسبقاً وتعلن الديمقراطية الموجهة وتشكل الجمعية الوطنية لاعطاء التزكية للقائد الضرورة والرجل القوي الذي يحكم باسم الشعب و ليتهم مخالفيه بالتآمر ويهددهم بشتى التهديدات.. ان تجربتنا الحالية التي ساهم دولة رئيس الوزراء بصناعتها وهو احد رموزها وقادتها اليوم تختلف عن ذلك تماماً. اننا تعاهدنا على الالتزام بالدستور بكل ما فيه.. وهو الدستور الذي كتبناه بايدينا وقاتلنا من اجله بدعم من المرجعية الدينية العليا والقوى السياسية وشعبنا العظيم. وان كل النقاشات والاتفاقات والتحالفات (الضرورية والمهمة لاشك) والتي تجري خارج الاطر المؤسساتية الرسمية لن تعني شيئاً ان لم تكيف نفسها مع السياقات والمسالك الدستورية.
س: لكن الاستاذ المالكي يقول بانه قاد حكومة ناجحة حققت الامن وتقدمت بالبلاد وقامت بتعيين مئات الالاف وان الاخرين يخدعون الشعب بالكلام عن ميزانيات كبيرة وان مجلس النواب، وبالذات الشيعة منهم، قد منع من بناء المساكن للفقراء وتوفير الكهرباء وغيرها من خدمات بعدم التصديق على عقود دفع بالاجل بقيمة قد تصل الى 70 مليار دولار.
ج: كان على دولة رئيس الوزراء ان يرد على ناقديه ليقول هذا هو البرنامج الذي وعدت به الشعب وهذه هي النتائج. اما الكلام بان الناس كانت لا تستطيع ان تخرج من بيوتها وتزاول اعمال وتسافر بحرية فهذا كله قد يكون صحيحاً ولكن ليس هنا مربض الفرس كما يقولون.. فلو ان البرنامج الحكومي تضمن تعيين مليون منتسب للجيش والشرطة فان دولة رئيس الوزراء سيقول هذا ما وعدته في البرنامج الحكومي وهذا ما حققته. اما الكلام عن الميزانية التشغيلية والاستثمارية فلا علاقة له بالامر اطلاقاً. المنتقدون يلاحظون تدهور الاوضاع الخدمية مثلاً ويقولون ان الاموال المرصودة كانت كافية بل اكثر من الطموحات لكن النتائج جاءت اقل كثيرا من الذي تعهدت به الحكومة. فالوزارة عندما تولى تقدم برنامجاً وان الشعب والبرلمان والمؤسسات الاخرى تقيس نجاح او فشل الحكومة في هذه الموضوعة او تلك بالعهد والبرنامج الذي تقدمت به. لنقف الان فقط عند الوعود في بعض قضايا الخدمات.. ماذا كان الوعد في 2006 وماذا تحقق في بداية 2010. هذا ما نص عليه البرنامج الحكومي المقدم الى مجلس النواب. وهنا يستطيع اي انسان ان يحكم سلباً او ايجاباً مما تحقق في هذه المجالات على الاقل وهي مجالات خطيرة:
- يعتبر  الفساد الاداري والمالي الآفة الاكثر فتكاً -بعد الارهاب- مما يدفع الحكومة الى الاصرار على مواجهته..” فهل تراجع الفساد المالي والاداري ام ازداد استشراءً على الرغم من كل الجهود الطيبة المبذولة من قبل البعض
- توفير مستلزمات البطاقة التموينية، واستمرار دعم العوائل الفقيرة والعاطلين عن العمل ضمن شبكة الحماية الاجتماعية بواقع مليون عائلة، وتخطط الحكومة ان يشمل الدعم مليوني عائلة في 2007″.. فهل نسمع المواطنين يشيدون بهذه المنجزات ام العكس.؟
- يذكر المنهاج الوزاري الى ازدياد تصدير النفط في 2006 الى “اكثر من (1،9) مليون برميل باليوم”.. فهل ارتفعت ارقام الصادرات شيئاً يذكر من الرقم اعلاه ام بقينا ندور عنده وفي احيان كثيرة دونه؟
- على الرغم من ارتفاع مستوى انتاج الطاقة الكهربائية الى 4600 ميكا واط فان الطلب عليها ازداد بمعدل اسرع بفعل تحسن مستوى الدخول ليصل الى 8333 ميكا واط، ولذا فان نصف حاجة المحافظات من الطاقة الكهربائية يتم تغطيته باستثناء بغداد.. وتقدر وزارة الكهرباء ان انتاج الطاقة الكهربائية سيزداد من خلال تأهيل محطات التوليد البخارية والغازية بما يضيف 350 ميكا واط عام 2007، و960 ميكاواط عام 2008 و960 ميكاواط فضلاً عن انشاء محطات جديدة ستضيف 1238 عام 2007 و 1658 ميكا واط عام 2008 و 5110 ميكاواط عام  2009 و 3440 عام 2010. وبذلك فان انتاج الطاقة الكهربائية سيكون مساوياً للطلب عام 2009. وقد استنفذت وزارة الكهرباء كامل ميزانيتها الاستثمارية لهذا العام في تنفيذ هذه المشاريع الضخمة بعيدة الامل”. لا داعي للتعليق!!
- زيادة نسبة المناطق المزودة بالماء الصافي من (72%) للحضر و (48%) للريف الى (92%) للحضر و (65%) للريف” خلال السنوات القادمة (2006-2010). فهل تحقق شيئاً من ذلك او قريباً منه؟؟ لا داعي للتعليق!!
- زيادة نسبة المواطنين الذين يشملهم نظام الصرف الصحي من 8% الى 47%”.. فهل تحقق شيئاً من ذلك او قريباً منه؟؟
- تخفيض العجز في الشوارع المبلطة من (57%) الى (12،2%) وتخفيض العجز في اكساء الشوارع من 42% الى 8،1% وتخفيض العجز في ادارة النفايات الصلبة من 75% الى (صفر%).. فهل تحقق شيئاً من ذلك او قريباً منه؟؟
- لدى الحكومة خطة اعمار تمتد حتى عام 2010، وتتضمن تأهيل الطرق السريعة وربطها بمدن بغداد والحلة وكربلاء وتبليط الطرق الريفية بطول 2000 كيلومتر وانشاء 20 جسراً بمعدل 5 جسور سنوياً وانشاء (350) الف وحدة سكنية في مختلف المحافظات”. لا داعي للتعليق!!
سنقف عند هذا الحد منعاً للاطالة لنقول.. هذا بعض ما يجب ان تحاسب الحكومة نفسها عليه قبل ان تكشف منجزاتها وتخفي احباطاتها.. فعلى الرغم من كل الجهود والنوايا الطيبة وعمل الوزارات والهيئات لكننا فشلنا فشلاً ذريعاً في الكثير من الامور واضعنا فرصة ذهبية للعراق ولاعادة بنائه. ان الحكومة  قد نالت الثقة بسبب هذه الوعود.. وقطعت على نفسها عهداً بتحقيق ذلك. هذا عقد فيه طرفان. ولا يستطيع الطرف الاول التحجج مرة بالبرلمان ومرة بالتخريب والارهاب ومرة بعدم تعاون القوى السياسية، وهكذا. فكل تلك الاعتبارات كانت قائمة عند اعطاء العهد عبر البرنامج. وكل من يأخذ المسؤولية عليه ان يقدر ذلك وان وجد ان الشروط غير متوفرة فعليه ان يعتذر ويرفض التكليف ولا عيب في ذلك. الا اذا كان طالباً للمنصب ليس الا. لذلك فعندما يحاسِب مجلس النواب او القوى السياسية او الشعب، فان من حقه ذلك.. وعندما نحاسب ونطالب فاننا نقوم بواجباتنا التي كلفنا بها كرئاسة جمهورية. ما نقوم به من خلال الموقع لا يختلف عما تقوم به الرقابة المالية او النزاهة. فالامر ليس تنافساً وطمعاً بالمنصب بل هو القيام بالواجبات المكلفين بها دستورياً وقانونياً. وعندما وقفنا وطالبنا بمساءلة واستجواب المسؤولين. فهذا حماية لهم وليس احراجا او تآمرا عليهم.  كل ذلك من شروط العهد والمسؤولية. وعندما فكرنا مرات عديدة بنزع الثقة عن الحكومة لان معيارنا هو الحكم على الحكومة من خلال العقد والبرنامج الذي حصل بينها وبين مجلس النواب وليس من خلال التصريحات والخطابات وكلام الصحف. فهذا من صلب واجباتنا الدستورية التي يمثل عدم القيام بها اخلالاً بها. وعندما اقول في احدى اللقاءات الصحفية باننا فعلاً فكرنا بنزع الثقة لاننا لم نجد من سبيل امامنا لاصلاح الاوضاع. يقف دولة رئيس الوزراء ليقول بان نائب رئيس الجمهورية قد اعترف بالتآمر. فاذا كان منح الثقة او نزعها يعتبر تآمراً فيجب ان يحاكم كل من كتب او صوت او عمل بالدستور العراقي. ان نزع الثقة والمطالبة او التلويح بها هي احدى اهم وسائل العمل في البلدان التي تدعي انها تريد ان تؤسس لتجربة ديمقراطية. ان غابت او عطلت  فمعنى ذلك العودة الى الفردية والاستبداد.. وهذا ما يبدو اننا نختلف عليه مع دولة رئيس الوزراء. اعود فاقول ان الاموال كانت متوفرة في 2006، بل انها تعدت الترقبات بسبب ازدياد اسعار النفط وليس تحسن الانتاج.. فسعر النفط في 2006 كان بحدود (60) دولاراً. وهو لم ينخفض طوال الفترة اللاحقة الا مع الازمة العالمية. فهبط السعر في (2009) خلال اشهر ليتراوح بين (40-60) دولاراً. ليعود ويرتفع في القسم المتبقي من العام ولحد الان لتصل الى (60-75) دولاراً. فمقدار ما دخل العراق من واردات نفطية في (2006-2010) اكثر بكثير من تقديرات الموازنة والتي تقدر دائماً باقل من التقديرات.. بل ان اسعار النفط قد وصلت في 2008 الى (80-100) دولاراً.. وهي قد تعدت لفترة قصيرة (140) دولاراً.. وكذلك بدت الظروف السياسية والامنية والاقليمية والعالمية مهيئة مع التصورات عند وضع البرنامج ولم تنحدر سوءاً بل ازدادت مواءمة. وان البرنامج الحكومي لم يفرض من احد بل قدمته الحكومة للبرلمان بعد ان كانت قد درست قدراتها وامكانياتها وظروفها وشروطها. هي التي طرحت برنامجها عهداً منها ليمنحها البرلمان بالمقابل ثقته.. عهد بعهد، وشرط بشرط..  فهل حققت العهد؟؟ واذا لم يتحقق ذلك الا يستحق هذا الشعب والبرلمان شرحاً لاسباب ذلك. ام ان الحل هو القاء اللوم على الاخرين وابتداع الذرائع.. هل ان الحل هو بطلب ما يقارب السبعين مليار دولار في الاشهر الاخيرة لعمر الحكومة والبرلمان من اجل اصلاح الكهرباء وبناء المساكن وتوفير المياه .. وعندما يمنع البرلمان منح مثل هذه الاموال، لان الحكومة لم تتمكن من صرف الاموال التي وضعت تحت تصرفها.. او انها صرفتها في غير مواقعها.. وخشية الوقوع في مستنقع الديون من جديد، فهل كان مجلس النواب اميناً مع الشعب ام خائناً لمسؤولياته.. وللذاكرة ولبيان الفرصة التاريخية والذهبية التي تم تفويتها بسبب العناد وسوء الادارة والتخطيط، نشير الى ان اسعار النفط التي يشير بحق دولة رئيس الوزراء الى انها باتت تشكل الجزء الرئيس من الموازنة بقيت منخفضة (بعد فورة السبعينيات) تحت سقف الـ (40) دولاراً خلال الفترة (1980-2004) .. بل كانت تحت سعر الـ (20) دولاراً خلال الفترة (1985-2003). فالنفط تأتي فرصه المؤاتية بين حقبة واخرى. فاذا لم تغتنم فرص الصعود فان البلاد ستدفع عند حالات الكساد والهبوط.. فالكلام عن الاموال ليست حجة للحكومة بل توفرت للعراق اموال  لم تتوفر منذ تأسيس الدولة والى الان.. وهي اموال لم تستطع الوزارات صرفها، وهو ما يفسر تدوير المليارات في كل عام بسبب نسب التنفيذ الواطىء والادارة الفاشلة. لا يمكن للحكومة ان تتهرب من المسؤولية التي منحت بموجبها الثقة في عام 2006 ولا يمكن ان تعتب، ناهيك ان تتهم وتحمل  المسؤولية  القوى التي تلاحق في اسباب ذلك وللضغط من اجل تنفيذ ذلك، متهمة اياها بتضليل الناس وخداعهم ووضع الارقام المغلوطة. فاي المعيارين نصدق؟ الارقام التي تسطر على الورق والوعود الكلامية وما تكتبه الوزارة من انجازات عن نفسها؟. ام الارقام الداحضة الحقيقية لوقائع الحياة اليومية وما يراه ويعيشه المواطن في كل يوم؟. ليقل لنا دولة رئيس الوزراء ان معدلات الكهرباء او صادرات النفط او المياه والامور المذكورة اعلاه، وفي البرنامج قد تحققت فعلاً وعلى ارض الواقع، وحققت العهد والبرنامج الحكومي او قريباً منه، وسنعترف له بما يشاء. مع تأكيدنا ان الامثلة اعلاه هي غيظ من فيض تكشف التباين بين وعود 2006 ومستوى انجازات 2010. اما القول باننا كنا سنقوم بكذا وكذا لولا تعطيل تلك الجماعة لهذا الامر.. او لولا وقوف تلك المؤسسة امام هذه المحاولة فان هذا لا ينفع في شي. وليس امراً نادراً في الدول بما في ذلك في تجربتنا التاريخية في العراق المعاصر ان تستقيل حكومة او وزارة متذرعة بعدم توفر الشروط اللازمة لانجاز برنامجها الحكومي او جزءاً مهماً منه لان البرلمان لا يتجاوب او ان الشركاء لا يتعاونون. المسألة ليست عناد ومعركة ومتآمرين وطامحين. فلم تنزل لاي منا رسالة من السماء كما لم يفوض الشعب اي منا تفويضاً مطلقاً لنفعل ما نريد. انه شعب ودستور وانتخابات وبرلمان وحكومة وبرامج وحساب ومساءلة واستجواب ومنح ثقة ونزع ثقة. لا اقل ولا اكثر من ذلك.. انه عهد يقبل به المرء وفقا لشروط محددة، ويتخلى عنه اذا تجاوز الامر قدرته. هذه قاعدة في اي عقد مع اي مقاول او مهندس او طبيب او شركة. فما بالنا عندما يكون العقد والعهد هو ادارة الحكومة ومصالح الناس ومستقبلهم. هذا ما نفهم من سلوك ديمقراطي ومؤسساتي. نقول ذلك كله دون ان ننكر انه كانت هناك منجزات ونجاحات.. واننا لم نألوا جهداً في الاشارة اليها بمناسبة او بدون مناسبة بل وفي الكتابة مباشرة الى المسؤولين ومنهم دولة رئيس الوزراء للتهنئة والشد على الايدي، خصوصاً في القضايا الخلافية، كما عند تأييد حل الخطوط الجوية العراقية او في قضية التراخيص النفطية دون العودة بعيداً الى الامثلة الكثيرة من عمر الحكومة. كنا نؤيد الايجابيات وننتقد السلبيات، كما حدث عند اعتقال ابو عمر البغدادي “الاول” و “المصنع” وظهوره التلفزيوني الذي اريد منه النيل من بعض عناصر “الحزب الاسلامي” وتأكيد دولة رئيس الوزراء انه الرجل الحقيقي مع، تحذيرنا من ذلك.. ثم تأييدنا الايجابيات واصدار بيان رسمي مهنئين القوات الامنية والقائد العام بالقضاء على البغدادي “الحقيقي” وزمرته. ان منح الثقة بالحكومة او نزعها عنها لا يعني انها ناجحة او فاشلة في كل شيء. فهناك ميزان يراه مجلس النواب او المسؤولون للاقالة او الاستقالة. فالطالب لا يجتاز الصف الذي هو فيه لان عدد المواد التي نجح فيها اكثر من عدد المواد التي فشل فيها. ولو كانت الانجازات والنجاحات هي وحدها سبب بقاء الحكومات، فلما تغيرت الحكومات وتم تداول السلطة. التقدم والنجاح سمة عامة للدول والامم الا التي جفت الدماء في عروقها ووضع فيها سيف الاستبداد والتعسف والتخريب. ملف واحد قد يسقط حكومة انجزت اموراً عظيمة ورائعة. فكيف بنا اليوم ولدينا هذا العدد العظيم من الملفات الفاشلة التي يكفي واحدة منها لاستقالة الحكومة او نزع الثقة عنها. انها مسألة اجتهادات، والكلمة الاخيرة لنواب الشعب والرأي العام.
س: يذكر الاستاذ المالكي انه الوحيد الذي يقيم مع عائلته وان زجاج بيته  قد تحطم مرات عديدة في المنطقة الخضراء.
ج: نعم تتعرض المنطقة الخضراء لهجمات من وقت لاخر.. لكنها سميت بالخضراء لانها ليست حمراء وساخنة كبقية مناطق العراق. انها الاكثر حماية وامناً، لذلك فيها مجلس الوزراء ومجلس النواب ومعظم السفارات. وان معدلات الموت والاصابة فيها تعد بالاحاد سنوياً بينما ارقام الضحايا في مناطق اخرى هي بالعشرات يومياً.. ان دولة رئيس الوزراء هو ليس الوحيد الذي تعيش عائلته معه.. فهناك عدد كبير جداً من المسؤولين تعيش عوائلهم معهم ويعيشون في مناطق اكثر سخونة وخطراً من المنطقة الخضراء. ان كثيراً منهم تعرضوا لمحاولات اغتيال ادت بحياتهم او حياة عوائلهم او ادخلوا المستشفيات والرصاص يمزق اجسادهم، ولم يجعلوا من ذلك منة او سبباً للمزايدة على الاخرين. ولا اعتقد من المفيد المضي اكثر في مناقشة هذا الموضوع على الرغم من دلالاته وابعاده.
س:  يقول الاستاذ المالكي ان فخامتكم قد ذهبتم اليه وقلتم لدينا ملاحظات وقال لدي ملاحظات ثم لم تعودوا اليه؟
ج: هذا صحيح.. لقد ذهبت اليه  مرات عديدة. واتذكر تماماً تلك المرة التي يتكلم عنها دولته. فهذا دليل حسن النية والمبادرة والرغبة في المجادلة بالتي هي احسن. وفعلاً ذكرنا لجنابه انه لدينا مشاكل معه وذكر هو شيئاً مقابلاً كما يقول في مقابلته.. ولكن ما لم افهمه قوله: “ذهب ولم يعد. فالقضية تحتاج الى مناقشة جادة وليست عملية تضليل لعقول الناس”.. لم افهم اين هي القضية الجادة واين تضليل العقول؟؟ بل لم افهم من يجب ان يعود لمن ومن المسؤول عن من؟ ولا ادري هل ان دولة رئيس مجلس الوزراء هو الذي كلف نائب رئيس الجمهورية بمنصبه ام العكس؟ ولا ادري هل ان رئيس مجلس الوزراء يمتلك صلاحية نزع الثقة عن نائب رئيس الجمهورية ام العكس؟ ولا ادري هل ان نائب رئيس الجمهورية هو موظف لدى الاستاذ المالكي ليعود اليه؟ فاذا كان رئيس مجلس الوزراء هو المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة بتكليف من قبل رئيس الجمهورية (مجلس الرئاسة)، فان الاخير -بمن فيهم نائب الرئيس- هو رئيس الدولة حسب الدستور. نعم ان القضية جادة وهذا هو جزء من المشكلة التي نعاني منها اليوم. ان رئيس الوزراء في اية دولة يخضع لمرجعية او مرجعيات تقيده وتراقبه وتحاسبه وتعاقبه كاي موظف اخر في الدولة صغيراً كان ام كبيرا، وكأي مؤسسة سواء اكانت رئاسة الجمهورية او الوزراء او غيرهما.. اما عندنا فيحاسب المسؤول التنفيذي البرلمان الذي منحه الثقة وليس العكس.. وهو الذي يحاسب رئاسة الجمهورية التي كلفته وتستطيع نزع الثقة عنه وليس العكس. فاذا فكر البرلمان او رئاسة الجمهورية بمناقشة سياساته او بعدم قبول بعضها.. او فكر بنزع الثقة عنه بسبب الاداء غير المقبول وفقا للاجراءات الدستورية، فهؤلاء متآمرون .. واقول ايضاً ان كلام دولة رئيس الوزراء بانه يرد الصاع اربع مرات لا ينفع مع من يسعى الى كسب تأييدهم… مثل هذه التعابير ان صحت فقد يستخدمها مع عدو يريد قهره لا مع اناس وقوى حليفة وصديقة يقول انه قد يختلف معهم اليوم ويتحالف معهم غداً وهو الامر الطبيعي في الحياة السياسية.
س: يقول الاستاذ المالكي انكم حاولتم اسقاطه عندما كان في البصرة في صولة الفرسان.. وان رئيس الجمهورية قال “خل نشوف هذا الرجل يرجع لو ميرجع” و يقول ايضاً مخاطباً الشعب بانه حقق لهم الامن وغيرها من امور؟
ج: ابدأ بالملف الامني. واقول ان سبب التحسن الامني في منتصف 2006 يعود لعوامل اهمها:
1- الشعب العراقي (وعلى رأسه المرجعية العليا) وتضحياته التي لا تصدق والوقوف مع الحكومة في حربها ضد الارهاب والتخريب. وكذلك وقوف القوى السياسية وبغض النظر عن مذهبها او دينها او قوميتها  في دعم جهود الحكومة.
2- تحسن اداء القوات الامنية والعسكرية وتطور نوعية العمل الاستخباراتي
3- زيادة عديد القوات الاجنبية
4- ظاهرة الصحوات خصوصاً في منطقة الانبار ثم في بقية المناطق.
5- مساعدة قوات البيشمركة الكردية في بغداد ومناطق اخرى
6- المبادرات الوطنية ومبادرات الهيئات والقوى السياسية والمواطنين
7- حضور القائد الميداني ومتابعته اليومية للملف وهذه ايجابية كبيرة تسجل للاستاذ المالكي. وكذلك حضور الاخرين والقوى السياسية التي يجب عدم اغفال دورهم.
8- تحسن الموقف الاقليمي ودول الجوار الحقيقي او النسبي الذي ساعد ايضاً على هذه التطورات.
اما فيما يخص صولة الفرسان وما اعقبها فاضافة الى العوامل اعلاه، فانا اعترف له بان مبادرته وحضوره الميداني وصلابته كانت عاملاً حاسماً في بناء النجاح. وانه ليس بحاجة ان ينكر الامر على الاخرين ليعترف له الاخرون بدوره. وما على المرء الا ان يعود الى يوميات تلك الفترة في الصحافة والاعلام ليرى مدى الدعم الذي حصل عليه القائد العام. اما كلامه نقلاً عن الرئيس طالباني، فاتركه لفخامة الرئيس. وما دام الحديث عن مثل هذه المواضيع ، فقد طولبنا -الرئيس طالباني وانا- في احدى الجلسات ومن بعض الاطراف الصديقة للمالكي بالضغط عليه للانسحاب من البصرة وان اقتضى الامر نزع الثقة عنه. وكان ذلك والقائد العام ما زال في البصرة. فهل تحركنا لمصالح فئوية او شخصية ام راعينا المصلحة العامة لتوفير الامن من ناحية والوصول الى اتفاق سياسي عام في البلاد. كان مجلس الرئاسة بكامل اعضائه على اتصال دائم بالقائد العام.. كما قامت بذلك القوى الكبرى في البلاد. ولم ينكر الاخ الاستاذ جهود الاخرين وشكرهم على التضامن والاسناد. بل واذكر انني تشرفت بتمثيل العراق في قمة دمشق التي جرت خلال الاحداث.. وان كلمتي في المؤتمر ولقاءاتي بالرؤساء مسجلة وكانت على الهواء وتشهد على القوة والحماس اللذين ايدنا فيها خطط الحكومة الامنية والوصول الى اتفاقات شاملة. ولاريب ان المسؤولين الامنيين والقيادات العسكرية والمحافظين يتذكرون كلهم، خصوصاً خلال الازمات، الاتصالات التي لم نكن نتوقف عنها ليل نهار للتوجيه وتقديم الدعم المادي واللوجستيكي لانجاح الحكومة الاتحادية او الحكومات المحلية في خططها الامنية. ولابد ان اسجل للتاريخ هنا بانه لولا اللقاءات التي اجراها خصوصاً الحاج العامري والاديب بالسيد مقتدى الصدر والموقف المهديء الذين نهجته الجمهورية الاسلامية في ايران والتوسط للوصول الى اتفاق مع التيار الصدري لما سارت الامور بالشكل الايجابي الذي سارت فيه. وان القائد العام تلقى تأييداً كاملاً من القوى السياسية الحاضرة في المجلس السياسي للامن القومي والذي اصدر بياناً اعده الاستاذ الهاشمي واضيفت اليه تعديلات بسيطة شكلت الرؤية التي طرحت في حينها. يجب عدم خلط الامور واعطاء  الاشارات والتلميحات الغامضة التي يمكن ان تنال الجميع.. وليس من المقبول ان يدعي فرد واحد بالصبر والتضحية والاخلاق النبيلة ولينال بظلم واجحاف ودون وجه حق من الاخرين. وليس صحيحاً المزايدة، وان الانسان يشعر بحسرة وقلق كبيرين عندما يسمع مثل هذا الكلام.. ففي اي ميزان سنضع فقدان شهيد المحراب قدس سره.. وفي اي ميزان سنضع دعم الراحل السيد عبد العزيز الحكيم قدس سره.. وفي اي ميزان سنضع فقدان مجاهدين ومسؤولين وقادة كبار في معركة الصراع ضد الارهاب والتخريب ومن اجل بناء الحالة الامنية
س: يقول الاستاذ المالكي ان الاخرين دفعوه الى الاتفاقية الامنية وانه بطلها وان الاخرين ارادوا له الفشل والتوريط ؟
ج: يعلم جميع المسؤولين واعضاء المجلس السياسي للامن الوطني باننا طرحنا موضوعة الاتفاقية الامنية منذ عام 2003-2004.. كانت الولايات المتحدة ترفضها طوال الاعوام الاولى الى ان قبلت بالبحث فيها في 2007.  ووجهة نظرنا ان الاحتلال والوجود الاجنبي قد فرض علينا. فكيف نخرج القوات و نسيطر على حركتها خلال فترة بقائها. وفي لقاء في البنتاغون حضره الراحل عبد العزيز الحكيم والباجه جي والجلبي وزيباري وانا في اوائل 2004، تكلمنا على اهمية الوصول الى اتفاقية امنية قبل نهاية شباط من نفس العام.  لانه لا يمكن للقوات الامريكية ان تبقى بدون ضوابط وقواعد سلوك تخضع لها بما يضمن حقوق وسيادة البلاد. التفت السيد رامسفلد الى السفير بريمر وقال له هل يوجد شيء من ذلك. قال له نعم وذلك بموجب اتفاق نوفمبر 2003. قال رامسفيلد اعطوني ورقة وساكتب الاتفاقية خلال ربع ساعة. كان هناك امتعاض عام من قبلنا فاجابه الجلبي: اجلب اذن محاميك معك. بقينا قلة نطالب بذلك. وفي كل عام كان الامريكان يأتون ويطلبون تمديداً اضافياً لعمل قواتهم في العراق وكان يقال هذه هي المرة الاخيرة. بل تم الاتفاق مع دولة رئيس الوزراء في البدء بمفاوضات غير رسمية مع الجانب الامريكي في 2007 لمعرفة النوايا ووضع الخطوط الاولى وكنت انا طرفها من الجانب العراقي. بعد سلسلة اجتماعات غير رسمية مع ممثل الطرف الامريكي اطلعت رئاسة الجمهورية والوزراء بالفرص المتاحة ونوايا الطرف الاخر وهو ما كان اساساً لاحقاً لصياغة  مسودة بيان مشترك لما سمي بالقادة الخمسة.. اي البيان الذي اعلن في المؤتمر الصحفي الذي حضره بدون القاب طالباني والمالكي وبرزاني والهاشمي وانا. وهو البيان الذي اعتمدته الادارة الامريكية لبدء المفاوضات الرسمية بشأن الاتفاقية الامنية. وفي مناقشة التمديد الذي جرى في نهاية 2007 اقر المجلس السياسي للامن الوطني تكليفنا برئاسة لجنة من الوزراء الامنيين والخارجية والعدل ومستشار الامن القومي لوضع الخطوط العامة لتصورات الانسحاب والاتفاقية والجداول الزمنية.. وقامت اللجنة المشكلة بتقديم تصورات تضمنها تقرير ووثائق يتجاوز عددها الـ300 صفحة حول المباني والحساسيات والمخاطر والافاق والنماذج لمختلف الخيارات ليصل الى نتيجة بان الاتفاقية الامنية هي افضل الحلول المتاحة لانسحاب القوات والانتهاء من احكام الفصل السابع. الذي وضع العراق تحت الاحتلال و الولاية الاممية وهو ما كان يجهله الكثيرون بما في ذلك اعلى المسؤولين.  وفي موقف صحيح، طلب دولة رئيس مجلس الوزراء التعامل مع هذا الملف على اساس وطني ومشاركة كافة القوى باعتبار ان ذلك يتعلق بالمصالح العليا للبلاد ولا يمكن للحكومة بمفردها ان تقوم بذلك. فالامر سيتطلب في النهاية موافقة مجلس النواب ان لم نقل استفتاء الشعب العراقي. اجتمع المجلس السياسي وتم تشكيل وفد تمثيلي للتفاوض مع الجانب الامريكي. ولقد تعاهد الجميع منذ البداية على التعامل مع هذا الملف بشفافية وعلى دعم رئيس الوزراء فيه.. لانه ملف يقع خارج المماحكات والتنافسات السياسية. وقد نفذ الجميع هذا الجانب بكل وطنية ومسؤولية.. ولا تحمل ذاكرتي ان احداً اراد توريط السيد رئيس وزراء الذي كان متردداً بين القبول والرفض.. مرة يقول هذا انجاز للعراق.. ومرة يقول ساقطع يدي ان وقعت الاتفاق.. وبقي في تردده هذا الى الاجتماعات الاخيرة للمجلس السياسي للامن الوطني التي سبقت القبول الرسمي بايام قليلة. فهو كما يشهد الحضور والمحاضر كان يقود موقفاً رافضاً للاتفاق، مقابل اقلية تحبذ ان هذا هو افضل الحلول المتاحة لانسحاب القوات وضمان مصالح العراق. وبين لحظة وضحاها تغير موقف دولة رئيس الوزراء وطلب لقاءً عاجلاً برئيس الائتلاف العراقي الموحد حينذاك سماحة الراحل السيد عبد العزيز الحكيم قدس سره مبيناً اهمية الاتفاق. ووسط استغراب الجميع لهذا الانقلاب، قام الائتلاف مجدداً بدعم موقف رئيس الوزراء الجديد امام معارضة قامت بها “العراقية” و “التوافق” و “الحوار” و”الكتلة الصدرية” و “تيار الاصلاح”.. وقد بُذلت جهوداً كبيرة لدعم موقف الحكومة ولاقناع كثيرمن المعارضين للدخول الى جلسة مجلس النواب وتوفير النصاب والتأييد اللازم.. وهو ما لم يكن بالامكان تحققه  لولا دور اناس وقوى منافسة للمالكي.. ولولا الجهود التي بذلها كثيرون لانجاح وثيقة “الاصلاح السياسي” التي ساعدت في تشكيل اغلبية كبيرة في التصديق على الاتفاقية. التي لم يخالفها في النهاية بشكل ديمقراطي ومدني سوى تياري الاصلاح والاحرار. فاين قضايا التوريط؟ ولماذا يصر دولة رئيس الوزراء على تسمية المكاسب باسمه وتحميل المشاكل والمساوىء على الاخرين.
س: السيد نائب الرئيس.. هل هناك امر اخر تريد ذكره بشكل خاص؟
ج: على الرغم من الحزن والاسى الا ان هذه المقابلات فيها الكثير من المفاهيم والامور التي يجب دراستها وتشخيص خلفياتها.. على الرغم من ذلك اقول بان الديمقراطيات الحديثة والهشة قد مرت كلها بمثل هذه التجارب الى ان رسخت تقاليدها وتوفر رجال دولة ورأي عام يقدرون عمل المؤسسات والالتزام بالقواعد والاجراءات، ولاشك عندي ان الاخ الاستاذ المالكي هو احد كبار القادة الذين يمكنهم المساهمة في ترسيخ هذه التجربة، ولكن بغير هذا الاسلوب. وان هذه المناظرات على ما فيها من سلبيات ومضاعفات لكنها تبقى احدى الوسائل لأن نتعرف على اخطائنا ونتعلم من بعضنا. ان جميع من يشترك في العملية السياسية ويلتزم بالدستور هو شريكنا وصديقنا وان اختلافاتنا لا تعني القطيعة او السباب والعداء بل تعني مراجعة النفس ووضع كل امر في مكانه الصحيح.. ولسان حالنا يقول: “رب ارني الحق حقاً لاتبعه.. وارني الباطل باطلاً لاجتنبه”.
واشكركم

http://www.shatnews.com/index.php?show=news&action=article&id=315