كامبريج: محمد حسن الموسوي
عقد منتدى جامعة كامبريج للحوار جلسة موسعة لمناقشة القضية العراقية مساء الثلاثاء، 29/10/2002، شارك فيها كل من البروفيسور جوناثان وولف، أستاذ الفلسفة في جامعة لندن، والكاتب والصحفي العراقي حميد الكفائي.  وقد استعرض البروفيسور وولف الأنظمة الديمقراطية في العالم وقال إنها الأفضل لإدارة البلدان لأنها تسمح بالتخلص من الحاكم السيئ دون اللجوء إلى العنف وإراقة الدماء.  وأضاف البروفيسور وولف إنه لم يحدث في التاريخ أن اندلعت حرب بين نظامين ديمقراطيين، فكل الحروب قامت بين أنظمة ديكتاتورية أو فرضها وجود أنظمة ديكتاتورية على الجانب الآخر. وقال إن إزاحة نظام صدام ستكون لصالح استقرار المنطقة، لكنه قال إن هدف الولايات المتحدة قد يكون أبعد من تحقيق الديمقراطية والاستقرار، وقد يكون له علاقة بكون العراق غنيا بالنفط.


بعد ذلك استعرض الكاتب حميد الكفائي تاريخ العراق القديم والحديث وطبيعة المجتمع العراقي الذي قال إنه مجتمع متحضر ينتمي إلى أعرق حضارة في التاريخ قدمت للبشرية خدمات جليلة.  وقال الكفائي “إن أول قانون في العالم سُن في العراق وإن الكتابة اكتشفت في الوركاء في العراق وإن أولى مدن العالم كانت في العراق، وإن كنيسة الشرق، أقدم مؤسسة مسيحية في العالم، هي في المدائن في العراق، وإن اللغة العربية ازدهرت وتطورت وأصبحت عالمية بفضل مدرستي البصرة والكوفة، وإن الخلافة الإسلامية ازدهرت وتوسعت من الكوفة وبغداد لقد كان العراق عبر العصور منارا يستضيء به العالم”.


وأضاف الكفائي “لكن كل ذلك قد تغير عندما جاء صدام وزمرته المتخلفة إلى السلطة، فقد قتلوا أبناء العراق وشردوهم وشنوا الحروب على جيران العراق وأساءوا إلى سمعة هذا البلد العريق من خلال التمييز بين أبنائه ونشر الجهل وإطلاق الأكاذيب وخرق العهود والمواثيق وارتكاب أعمال العنف والقتل العشوائي”.  وقال الكفائي إن العراقيين يتوقون إلى الحرية والالتحاق بالعالم المتحضر بعد التخلص من أعتى نظام عرفه التاريخ. وخلص إلى القول “إن الإطاحة بنظام صدام حسين عمل أخلاقي، تماما كما كانت الإطاحة بنظام هتلر في ألمانيا وموسوليني في إيطاليا وبول بوت في كمبوديا وعيدي أمين في أوغندا، عملا أخلاقيا يفخر به العالم اليوم”.


واختتم بالقول إن العراق بلد مهم للعالم كله من النواحي الثقافية والاقتصادية والاستراتيجية والحضارية والدينية، وإن استرجاعه من سيطرة الإرهابيين والقتلة هو مهمة دولية على الدول المتحضرة أن تضطلع بها قبل فوات الأوان، وعندها ستكسب صداقة الشعب العراقي إلى الأبد.


بعد ذلك أجاب المتحدثان على أسئلة طلاب جامعة كامبريج الذين جاءوا للاستماع إليهما. وردا على سؤال لأحد الطلاب إن كانت الديكتاتورية تلاءم بعض البلدان دون غيرها، قال الكفائي إن الدكتاتورية تعني “إملاء الأوامر على الآخرين ضد رغباتهم” ولا يمكن أن يكون ذلك عملا حسنا، أو في مصلحة المُملى عليهم، لأنهم أعلم بمصلحتهم من الدكتاتور. بينما قال البروفيسور وولف إن “الديكتاتورية المُحْسنة” ربما تكون مفيدة في بعض المجتمعات من الناحية النظرية، ولكن من الناحية العملية ليس هناك مثال على وجود مثل هذه الدكتاتورية.


واختلف المتحدثان على قضية أخرى. ففي الوقت الذي قال فيه البروفيسور وولف إن الغذاء هو الضرورة الأولى لبني البشر وتأتي بعدها كل المتطلبات الأخرى، قال الكفائي إن الحرية تأتي في المقام الأول عند الأغلبية واستشهد بالذين يُضربون عن الطعام من أجل نيل حريتهم، “فهم يرفضون الطعام مختارين من أجل الحرية”. وقال إن أكثرية الناس مستعدة للتضحية في سبيل الحرية ولا يمكن وضع الأوليات لكل الناس بنفس التسلسل.


واعترف البروفيسور وولف بأن الحرية “قد تأتي في المقام الأول على المستوى الشخصي، ولكن على مستوى المجتمعات فإن الوضع مختلف”.  وحضر منتدى الحوار، الذي دام أكثر من ساعتين، عدد كبير من طلاب جامعة كامبريج من مختلف الكليات والأقسام.  ومن الجدير بالذكر أن الإعلامي البريطاني الشهير، جوناثان ديمبلبي، هو الرئيس الفخري لمنتدى جامعة كامبيرج.


http://www.nahrain.com/d/news/02/11/05/nhr1105d1.html

h_almosswy2000@hotmail.com