مجلة الهدى- تشرين الثاني ٢٠١٤

ليس هناك أثقل على المرء من أن يعلق في زحام لا يعرف متى يخلص منه، وكثيرا من الأحيان يخرج المرء من بيته أو مكان عمله متوقعا أن يصل إلى وجهته المقصودة خلال نصف ساعة فيصل بعد ساعتين أو ثلاثة، متعبا ومتشنجا بعد طول معاناة.

وبالإضافة إلى إضاعة الوقت والجهد والتسبب في إرباك الأعمال والدوائر ثم تعكير الأجواء وتشنج المزاج وتوعك الصحة، فإن الزحام يستهلك السيارات والوقود ويلوث البيئة والأخير بدوره يسبب أمراضا لها أول وليس لها آخر، ابتداء من الربو وانتهاءا بالسرطان وتلويث الأطعمة والمنتجات الزراعية …

كل هذه الأخطار والمشاكل التي يسببها الزحام يمكن تناسيها تحت ظروف معينة، رغم أنه من الخطأ الجسيم تناسيها، ولكن الطامة الكبرى التي يتسبب فيها الزحام هي الإرهاب الذي يزدهر في ظله إذ لا يمكن أجهزة الأمن أن تكتشف الإرهابيين الذين يختبئون وسط الزحام بل والذين يستهدفون الأماكن المزدحمة بجرائمهم ومفخخاتهم كي يوقعوا بنا أكبر الخسائر…

الزحام في بغداد أصبح لا يطاق وصار يشكل خطرا على الحياة من ناحية تسببه في تدهور الصحة العامة، خصوصا لدى الأطفال، والتلوث البيئي والأعمال الإرهابية التي تزدهر فيه وبسببه.

لقد طالبنا مرارا وتكرارا بوضع حد له لأن أسبابه معروفة وهي إغلاق الطرق دون أن يكون هناك ضرورة له وإهمال إصلاح بعض الطرق التي تعيق تحرك السير بسرعة معقولة، والمرور بمناطق التسوق المزدحمة التي تسبب تباطؤ السير، وكذلك تنقل المسؤولين الصغار والكبار بمواكب تضم سيارات عديدة، مرة أخرى، دون أن يكون هناك ضرورة إلى ذلك.

وسبب آخر هو عدم وجود تنظيم للسير ومراقبة للسائقين فهناك الآلاف منهم غير مرخصين لقيادة السيارات لكنهم مع ذلك يقودون سياراتهم دون خوف من أحد لأن الشرطة لا تسأل السائقين عن إجازة السوق ولا تعاقب غير الحاملين لها.

فرحنا كثيرا عندما سمعنا رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي يلبي طلبات المواطنين ويدعو إلى فتح الشوارع المغلقة حتى تلك المارة في المنطقة الخضراء… إنه أمر مفرح لكننا نطالب بالمزيد. نريد أن تتحول الشوارع الضيقة والمزدحمة دائما إلى شوارع باتجاه واحد كي تسهل حركة المرور فيها. ونريد نقل أكشاك الباعة المتجولين من الشوارع المزدحمة إلى مجمعات أو أسواق تجارية من اجل انسيابية السير وفسح المجال أمام السيارات. كما نطالب بمنع مرور السيارات في المناطق المزدحمة كي لا يتعرض المواطنون إلى أعمال إرهابية توقع فيهم عشرات القتلى والجرحى.

ونطالب بإقامة مواقف آمنة للسيارات قرب مراكز التسوق كي يتمكن المرء من أن يركن سيارته في مكان آمن وينزل للتسوق أو التمتع بالخدمات. كما نطالب بتحسين المواصلات العامة وزيادة عدد الحافلات التي تصل إلى جميع المناطق لأن ذلك سيقنع كثيرين بالتخلي عن سياراتهم واستخدام الحافلات بدلا منها.

مطالب بسيطة وبالإمكان تلبيتها لو توفرت الإرادة الرسمية للقيام بالمزيد لمساعدة المواطنين على قضاء حوائجهم وتسهيل أمورهم.