لـجـنة تـنسيـق قـوى و شخـصيـات الـتيـار الديمـقراطي العراقـي /الممـلكة المـتحدة
 
Iraqi Coordination Committee of the Forces & Figures of the Democratic Current l UK

أقامت لجنة تنسيق قوى وشخصيات التيار الديمقراطي في المملكة المتحدة ندوة عامة بعنوان “الأزمة السياسية ومهمات القوى الديمقراطية في العراق”، وعلى قاعة “كونوي” وسط العاصمة لندن. وتحدث فيها كل من السيدة سلوى الجراح الإعلامية والروائية، والدكتور سلم علي الناشط السياسي وعضو اللجنة المركزية للحزب الشييوعي العراقي، والأستاذ حميد الكفائي الإعلامي والناشط السياسي، ومثله السيد طالب العواد الناشط السياسي وسكرتير لجنة تنسيق قوى وشخصيات التيار الديمقراطي في المملكة المتحدة. وبعد مقدمة مقتضبة قدمها الصحافي فيصل عبد الله عن سلسلة الأزمات السياسية التي يعيشها العراق على مدى السنوات التسع الماضية، وتلاعب القوى السياسية بمقدرات العباد والبلد ككيان سياسي، ورهن حاضره بتوافقات وتفاهمات فوقية وفق مصالح وإرادات خارجية على حساب المصلحة الوطنية العليا للعراق.

وليترك الحديث الى السيدة سلوى الجراح الإعلامية المعروفة، حيث عملت على مدى سنوات في محطة البي بي سي العريقة، قبل إنكبابها على العمل الروائي وكان آخر رواية لها بعنوان “بلا شطآن” الصادرة حديثاً عن “دار المدى”. وتوقفت الجراح عند محور إنحسار المعالم المدنية في الحياة اليومية العراقية، ومن خلال رصد شخصي لما كان عليه العراق، إبان مراحل تفتح وعي الإعلامية خصوصاً فترة الستينات ومعظم سنوات السبعينات. وذكرّت بمسيرة المرأة العراقية ودورها في الحياة العامة، بدءأ من عشرينات القرن الماضي والى عهد قريب. وأستعرضت أسماء تلك النسوة الرائدات ممن شغلن مواقع أدبية او سياسية او فنية او عامة من دون إعتراضات الأهل او المجتمع او بإسم الدين، رغم ان أغلبهن إنحدرن من عوائل دينية وتقليدية. وسخرت الإعلامية من دعوات إسترجاع مفاهيم مثل ” الرجال قوامون على النساء”، وممن يطلقونها، مثلما على جاء على لسان وزيرة المرأة العراقية إبتهال كاصد وتصريحاتها الصحافية الأخيرة. وعزت السيدة الجراح الى غياب واضح لدور الطبقة الوسطى وغلبة تقاليد الهامش والريف الأجتماعية على الحياة العامة العراقية.

في حين توقفت مداخلة السيد طالب العواد عند ضرورات ظهور التيار الديمقراطي في العراق والدور الذي يمكن ان يلعبة في بناء الدولة المدنية المعاصرة، والقائمة على تعزيز دور القانون والفصل بين السلطات والمساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، وترسيخ مبدأ المواطنة وبناء المؤسسات الدستورية وضمان حقوق المرأة ومثلها الحقوق القومية المشروعة ضمن إطار عراق ديمقراطي موحد. وأشار الى ان الديمقراطية كفكرة لا يمكنها ان تبنى من دون وجود أشخاص يؤمنون بها، وعليه لا بد من العمل على نشر الفكر الحر والديمقراطي، وضمان حرية التعبير بكل أشكالها وكذلك حق والتظاهر، وتعزيز دور هيئة النزاهة والعمل على إستقلاليتها، ومثلها المفوضية العليا للإنتخابات، وتفعيل دور الرقابة المالية، وإخضاع المؤسسات العسكرية والأمنية للسلطة المدنية وعبر قواعد دستورية وأنظمة قانونية واضحة.

بينما جاءت مقاربة الإعلامي حميد الكفائي، عمل في دار الإذاعة البريطانية قبل ان يصبح ناطقاً رسمياً لمجلس الحكم إبان تشكيله ليستقيل لاحقاً من منصبه الرسمي إحتجاجاً على الفساد وإنعدام المهنية وتسيس مؤسسات الدولة. وعبر محور “الدور الذي يمكن ان يلعبه الإعلام بتعزيز قيم الديمقراطية في البلدان الخارجة لتوها من فترات حروب او ديكتاتورية مقيتة”. وأشار الكفائي الى ان الإعلام هو ركن أساسي لبناء الديمقراطية، وعليه لا بد من توافر شروط لعمله ضمن أطر الحرية والإستقلالية والمهنية. وتوقف عند إنتفاء الشرط الأول لأسباب منها حرمة نقد الرموز السياسية والدينية، و بالتالي فهي ” مقيدة ومنحازة ضد الضعفاء وهم في غالبيتهم من الشعب، وكذلك العلمانيين من متعلمين وكفاءات علمية وثقافية”. أما عنصر الإستقلالية فهو الآخر تابع الى جهات سياسية ودينية غايته الربح والكسب أساساً. فيما يكاد يكون مفهوم المهنية مغيب تماماً من مشهد أغلب الإعلام العراقي المكتوب او المرئي او المسموع، ومثاله التقارير الملهلة والركيكية ونقل التصريحات الإنشائية. وتوقف الكفائي عند الهوس الديني في الإعلام أثناء المناسبات الدينية وتباري وسائل الإعلام بنقلها. ليخلص الى ان الحاضر في الأنظمة الديمقراطية يتطلع الى المستقبل، بينما نشهد في العراق الى ان الماضي هو الذي يحكم الحاضر والمستقبل.

وكان الدكتور سلم علي الناشط السياسي وعضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي آخر المتحدثين، حيث غطت مداخلته أبرز تجليات وتعقيدات المشهد السياسي العراقي والمآلات الخطرة التي انزلق نحوها. وأشار الى ان هناك أزمة بنيوية حادة تشهدها العملية السياسية، ذلك ان القوى السياسية الماسكة بمقاليد الحكم تفننت باصطناع الأزمات العاصفة بالبلاد. ورأى الدكتور علي الى ان الإنتخابات المبكرة هي واحدة من الحلول السياسية المطروحة للخروج من الأزمة المستحكمة في عراق اليوم، على  تتوافر لها أرضية سياسية واضحة المعالم، منها إصدار قانون جديد للإنتخابات وآخر للأحزاب وإجراء التعداد السكاني وتفعيل دور القضاء وعدم تسيسه. وطالب بالعمل على نقد العملية السياسية، ووضع إستراتيجية يكون التغيير الجذري عنوانها. وحذر من لبننة العراق، كما يراد له من قبل القوى السياسية المتحكمة بمقدرات البلاد، وكشف آفة الفساد المتفشية بمفاصل الدولة العراقية.

وشهدت الندوة نقاشات حيوية وصريحة حول دور التيار الديمقراطي في إستنهاض قوى المجتمع الحية عبر المظاهرات الإحتجاجية التي أثبتت فاعليتها، ورفع الوعي الشعبي لمواجهة التدهور الخطير لمسيرة العراق.