رحل عنا اليوم المهندس المعماري الكبير الدكتور محمد مكية عن عمر تجاوز المئة، وكانت حياته حافلة بالإنجازات الكبيرة في مجالات العمارة والفن والثقافة… أعزي نجله الصديق الدكتور كنعان مكية وابنته الست هند مكية والعراقيين جميعا برحيل أحد أهم المعماريين العرب في العصور المتأخرة.

تعرفت على الدكتور مكية منتصف الثمانينيات عندما أسس ديوان الكوفة الذي احتضن المبدعين والمفكرين والمثقفين والفنانين العراقيين والعرب في لندن على مدى عشرين عاما (1986-2006). أتذكر أنني اجريت معه لقاءً إذاعيا لبي بي سي عام 2000…

كنت متواصلا معه طيلة هذه الفترة، أزوره في كل مرة تسنح لي الفرصة بذلك… أتذكر أنني زرته، مع أصدقاء، في المستشفى في لندن عام 2006 وقد استقبلتنا زوجته السيدة مارغريت مكية وشكرتنا على اهتمامنا به وكانت قلقة على صحته… لكنها غادرت الحياة قبله بخمس سنوات تقريبا.

آخر مرة زرته فيها كانت قبل بضعة أشهر وكان بصحة جيدة وقد وجدته يطالع الصحف ويشاهد التلفزيون.

تذكرني جيدا وسألني عن الديوانية أولا ثم عن المباني الأثرية في بغداد والنجف وذكر لي عددا من أحياء بغداد التي يجب أن نحافظ عليها لأنها (متاحف) كما وصفها.وقد أطلعته على بعض الصور التي التقطتها لبعض مباني بغداد الأثرية بكاميرا هاتفي المحمول… فرح كثيرا عندما رآها وأوصاني أن التقط له مزيدا من الصور عندما أزوره مستقبلا، لكنني لم أوفق لمثل هذه الزيارة. عاش د. مكية قرنا من الزمن قضى معظمه في خدمة العلم والعلماء والثقافة والمثقفين…