توأمُ الروح

مرَّ عامٌ وأنتَ حاضرٌ بيننا

شَغِلتَ أفكارَنا 

لم تغادرْ أحاديثَنا

لم تبرحْ مخيلاتِنا 

فكنتَ وهجَ جمعِنا

وجليسَ وحدتِنا

 

مرَّ عامٌ وأنتَ تَشْغِلُ أذهانَنا

نسترجعُ حكاياك 

نستعرضُ ذكرياتِك

نكرر طرائفَك

فنضحكُ ثم نبكي

نفتقد ابتساماتِك وأريحيتَك

نتخيلُ ما كان سيحصلُ لو كنا معك  

نعجبُ من غفلتِنا حينما كنتَ بيننا 

وكيفَ لم نأخذْ من حضورِك ما يكفي لسني الغياب

أخذنا نندبُ حظَّنا برحيلِك 

ونرددُ أنكَ لن تتكرر

وأنَّ حزنَنا على فقدِك دائم

وأن ورودَ الأرضِ لن تملأَ الفراغ

 

نذكُرُكَ في السرّاء

لأن غيابَك فيها يعلنُ عن نفسه

فتؤلِمُنا سراءٌ أنت غائبٌ عنها

ونذكُرُك في الضرّاء

لأن غيابَك حاضرٌ فيها

أنتَ والضرّاءُ نقيضان

تتراجعُ أمام هيبتِك

وتتقهقرُ أمام سخاءِ روحِك

وتختفي لإشعاعِ هالتِك 

وتهربُ من آلائِك

فالحُسْنُ والسوءُ لا يجتمعان

ولا يلتقيانِ أو يتهادنان

وأنتَ الحسنُ كلُّه

وليس صدفةً أن تُسمّى حَسَن

 

آذانُنا مشتاقةٌ لطربِ حديثِك

وأعينُنا لم تعتَدْ على اختفائك

وأذهانُنا لم تنسجمْ مع صمتِك

ولن تتقبلَ هدوءَك

عوَّدتَنا على ضوضاءِ البهجةِ

وأَلَقِ الحضور

وتواصلِ السرور

وازدحام الأفراح 

صَخَبُكَ البهيج أنغامٌ أَطْرَبَتْ آذانَنا

وهدوؤك مفاجأة أربكت حساباتنا

لم نتهيأْ له

ولم نقبلْ به

 

صَخَبُ صمتِك ملأ الفراغ

وأوجع القلوب

وأفزَعَ الأرواح 

ففارَقَنا أزاءَه الصبرُ

ومسّنا الضرُ

وأَلَمَّ بنا الوجعُ

وأَرْهَقَنا الفراقُ

وصَدَمَتْنا المفاجأة

 

 هل غبتَ حقا؟ 

أم نحنُ الغائبون؟

لا لم تغِبْ

ولن تغيبَ

ربما غِبْنا عنكَ منذُ عام

وعذرُنا أننا مرغمون على الغياب

مضطرون له 

ومكلومون به

وعزاؤنا أنه مفروض علينا

فقد هَزَمَنا وشتت جَمْعَنا

وأذاقَنا اليأسَ

 

ماذا أقول يا توأمَ الروح

لو كانت الأرواح تُهدى لطوقناكَ بالهدايا

ولو كانت الأزمان تُمسَك لامتد بكَ الزمن

مر عامٌ وطيفُك يلازمُني

ما أجملَ طيفَك 

وما أَكْرَمَ نفسَك

فمازلت تُغدِق عليَّ حتى في الغياب

 نعم سيطولُ غيابُنا عنك

ويزدادُ مع الغيابِ الألم

ومع الشوقِ الحنين

لكنكَ ستبقى

فأنت أسستَ البقاء

بجمالِكَ

وإيثارِكَ

وأريحيتِكَ

وتضحياتِكَ

وصبرِكَ
وحبِكَ

وتسامُحِكَ

وتساميكَ

 

ما أجملَك وما أبهاك

نعم ستبقى

بعدما يغيبُ الآخرون 

وسوف نبقى

نزرعُ الوردَ

وننشرُ السعادة

 

 حميد الكفائي

 9 آذار ٢٠١٤