بيروت: معد الشمري

أجرت صحيفة الطيف، حواراً شيقاً مع الإعلامي والاكاديمي العراقي “حميد الكفائي”، حول دور المؤسسات الإعلامية في عملية التغيير وما حدث من ثورات في دول الربيع العربي، فضلاً عن دور الإعلام ومدى تأثيره في الرأي والمزاج العام للمواطن.

وقال الكفائي إن العديد من وسائل الإعلام، قد برز وأصبح متابعا وزاد انتشاره، خلال تلك الفترة، وأضاف، لكنه وفي الوقت نفسه، كشف عن انعدام المهنية والحيادية عند وسائل إعلام أخرى كانت متابعة ومشاهدة سابقا.

وأشار الكفائي خلال حديثه إلى أن المهنية والحيادية أصبحت من اهتمامات حتى وسائل الإعلام المنحازة والموجهة مشدداً على أنها تعرف أن الجمهور لم يعد يتقبل كل ما يعرض عليه وذلك لوجود البدائل الأخرى، العربية والدولية.

ودعا الكفائي المؤسسات الإعلامية إلى الابتعاد عن الانحياز، مؤكداً على أن ذلك سيؤدي في النهاية إلى فقدان المساحة الجماهيرية التي تتمتع بها، الأمر الذي يتسبب في تقلص تأثيرها وانحسار نفوذها. قائلاً في الوقت نفسه، إنه ليس من الحكمة تضليل الرأي العام لخدمة أجندات معينة؛ لأن ذلك سينكشف وتكون مردوداته عكسية.

وتضع الطيف الحوار كاملاً أمام قرائها..

الكفائي:

- الإعلام لعب دورا محوريا في انتشار الربيع العربي وتطوره واستمراره، لكنه لم يصنعه.

– لم يعد إخفاء المعلومة سهلا، بسبب انتشار وسائل الإعلام وكثرتها ودخول وسائل التواصل الاجتماعي في الساحة، جعل الأخبار تنتشر بسرعة وسهولة.

– الناس لم تعد بتلك البساطة التي كانت عليها سابقا، ولا تصدق، بسهولة، القضايا الموجهة من قبل بعض وسائل الإعلام.

- أصبح الإعلام الإلكتروني مكملا للإعلام المرئي وساندا له وموسعا لتأثيره وانتشاره.

حوار : معد الشمري

بيروت/ الطيف(خاص) :

الطيف: هل تعطي الأفضلية أو كما يقال “قصب السبق” للإعلام في ظل ما شاهدناه من حراك شعبي في ساحات التغيير بتونس، مصر، ليبيا، اليمن وحالياً سوريا، أم أن الوضع لا يتعدى كونه انعكاسا لأوضاع سياسية ومعيشية وصلت حد لايطاق بالنسبة للمواطن العربي..؟

الكفائي: الإعلام بشكل عام يعكس ما موجود على الأرض، مع الاعتراف أن الإعلام في منطقتنا العربية في أغلبه موجه ولكن بدرجات متفاوتة. السخط الشعبي من الدكتاتورية وانعدام الحرية وغياب الخدمات والوظائف وتدني المستوى المعاشي وغياب الديمقراطية وحقوق الإنسان كان موجودا قبل انخراط وسائل الإعلام في تغطية الأحداث، وهذه القضايا المهمة التي تشغل بال المواطن العربي هي التي أشعلت فتيل الثورة ضد الأنظمة العربية الدكتاتورية الفاشلة. ولكن هل كان لهذه الثورة العربية من أجل الديمقراطية أن تنتشر بالسرعة التي انتشرت بها بحيث أنها أسقطت نظامين خلال شهر واحد، دون اشتراك وسائل الإعلام في نقل الأحداث؟ الجواب هو بالتأكيد لا.

إذن، الإعلام لعب دورا محوريا في انتشار الربيع العربي وتطوره واستمراره لكنه لم يصنعه لأن السخط من فشل الأنظمة في توفير الخدمات والوظائف موجود منذ زمن بعيد وقد تهيأت له فرصة النجاح في تونس عندما تسببت الاحتجاجات الشعبية في هرب الرئيس بن علي، وهذا بدوره حفز الشعب المصري، الذي كان يعاني هو الآخر لعقود من الدكتاتورية وتدني المستوى المعاشي وغياب الديمقراطية وحقوق الإنسان، على الانقضاض على نظام مبارك وإسقاطه خلال أقل من شهر.

الطيف: هنالك جدلية قائمة، حتى اللحظة، بين أن يكون الإعلام صانعاً للحدث أو متأثراً به..هل هنالك رأي ثالث يخالف ما سبق وقيل حول ذلك؟

الكفائي: الإعلام يتأثر بالحدث ويغطيه أولا ثم يطوره ويصنع منه أحداثا أخرى لاحقا عندما يزيد عدد المتلقين الذين يعرفون عنه ويهتمون به ويتفاعلون معه لذلك فإن دوره رئيسي في تطوير الحدث وتفاعل الآخرين معه. فالحدث المحلي يصبح عالميا في أحيان كثيرة بسبب تغطية وسائل الإعلام له وتفاعل الناس في أنحاء العالم المختلفة معه. لكن الحدث يحدث قبل تدخل وسائل الإعلام ثم يتطور لاحقا مع تفاعل الناس معه عبر وسائل الإعلام…

في أحيان كثيرة تحصل تطورات للحدث سببها التغطية الإعلامية مثل استقالات مسئولين بسبب انكشاف تقصيرهم في واجباتهم أو تدخل منظمات إنسانية لإنقاذ ضحايا الزلازل والفيضانات والمجاعات وكل ذلك بسبب تدخل وسائل الإعلام وتغطيتها واهتمام الناس بالأحداث بسببها وعبرها. في أحيان كثيرة تساهم وسائل الإعلام في جمع التبرعات مثلا لضحايا الحروب والكوارث الطبيعية أو الحوادث أو تنبيه الدول والمنظمات والافراد إليها وهذا يطور الأحداث لأنه يؤثر في حياة الناس ويصنع أحداثا جديدة كزيارات المسئولين الدوليين والمحليين والفنانين والمشاهير إلى مناطق الكوارث أو الأحداث وتفاعل الناس معهم مما يزيدها زخما وأهمية.

الطيف: أشرت في حديثك إلى أن الإعلام في منطقتنا العربية في أغلبه موجه، ولكن بدرجات متفاوتة..هل هذا التوجه يجعل حركة الشارع منقادة لأجندات هذا النوع من الإعلام، وربما يصفها البعض بالحركة المشبوهة والمُسًيرة وفقاً لتلك الأجندات؟

الكفائي: الشارع يتأثر بوسائل الإعلام بقدر تفاعلها مع القضايا التي تهمه. نعم، بعض وسائل الإعلام الموجهة قد تستخدم قضية تهم الشارع لتمرير بعض الأجندات ولكن يجب القول إن الناس لم تعد بتلك البساطة التي كانت عليها سابقا لأن انتشار وسائل الإعلام وكثرتها ودخول وسائل التواصل الاجتماعي في الساحة قد جعل الأخبار تنتشر بسهولة ولم يعد إخفاء أي شيء سهلا حتى مع استخدام طرق مبتكرة للتضليل لأن هناك تعددية في وسائل الإعلام وهناك الآن وسائل إعلام عالمية كالبي بي سي والحرة وروسيا اليوم وفرنسا 24 ويورونيوز والسكاي نيوز العربية والتركية العربية، وكذلك وسائل الإعلام باللغات الأخرى كالسي أن أن والبي بي سي والسكاي نيوز ووكالات الأنباء العالمية باللغات المختلفة، وكثير من هذه الوسائل ليست خاضعة لأجندات محلية ولا حتى دولية وهي تغطي الأحداث كما تراها بل وتغطي جوانب قد لا تغطيها وسائل الإعلام العربية مما يحفز وسائل الإعلام العربية على تحري الدقة والحيادية في أخبارها والسماح ببث ونشر الآراء المخالفة والأحداث التي لا تروق لمموليها أو موجهيها لأنها تريد أن تنافس وسائل الإعلام الدولية، فإن بقيت منحازة وموجهة ومحدودة في اهتماماتها فإن جماهيرها سوف تغادرها إلى وسائل الإعلام الأخرى مما يتسبب في تقلص تأثيرها وانحسار نفوذها. ومن هنا فإنه ليس من الحكمة تضليل الرأي العام لخدمة أجندات معينة لأن ذلك سينكشف وتكون مردوداته عكسية.

الطيف: بعد الخبرة الطويلة العمل في المجال الإعلامي، حيث عملتَ في كبرى المؤسسات الإعلامية الاجنبية (بي بي سي) مثلاً، هل يمكن لحميد الكفائي أن يصف لنا مدى التغيير الذي طرأ على الإعلام الحالي، وهل غيًر مزاج الرأي العام، وماذا عن المهنية والحيادية التي يتمتع بها؟

الكفائي: الإعلام يؤثر في الرأي العام دون شك ومدى هذا التأثير يعتمد على انتشار التعليم والثقافة في المجتمع. هناك جمهور لبعض وسائل الإعلام وهو يتأثر بها بدرجات متفاوتة، ولكن هناك مساحة وسطى آخذة في الاتساع وهذه المساحة تضم وسائل الإعلام التي تعمل بقدر من المهنية والحيادية. وحتى وسائل الإعلام الموجهة، أخذت تنفتح على الرأي الآخر ونرى أحيانا آراء معارضة ضمن وسائل إعلام موجهة ولكن هذه الآراء قد تشكل 10% من المساحة المتاحة للآراء الموالية، أو قد تكون أقل أو أكثر قليلا.

الهدف من هذه الأساليب هو أيضا محاولة الإيحاء للجمهور إن تلك الوسيلة الإعلامية محايدة بقدر ما ولا تحجر على الآراء المخالفة أو الأحداث التي لا تخدم أهدافها، مما يعني أن المهنية والحيادية أصبحت من اهتمامات حتى وسائل الإعلام المنحازة والموجهة لأنها تعرف أن الجمهور لم يعد يتقبل كل ما يعرض عليه وذلك لوجود البدائل الأخرى، العربية والدولية.

الطيف: بالمناسبة، أي نوع من الإعلام تراه يروج أو يتمتع بالتأثير الأكبر..؟

الكفائي: هذا يعتمد على الجمهور ويختلف من بلد لآخر. بالنسبة للطبقات الفقيرة والعاملة والمحدودة الدخل والثقافة، فإنها تتأثر بالتلفزيون أكثر من باقي وسائل الإعلام لأنها تشاهده باستمرار وهو وسيلة لا تتطلب بذل الجهد، فبإمكانك أن تشاهد التلفزيون أثناء وقت فراغك واستلقائك على الأريكة بعد العمل وهناك من يشاهد التلفزيون حتى في غرفة النوم… أما الطبقات المتعلمة والمشغولة بأعمالها المكتبية فإنها تتأثر بالإعلام الاليكتروني أكثر من المرئي والمسموع.

أما المسموع فإنه أصبح محدودا ومقتصرا على الاستماع للراديو أثناء التنقل بالسيارة أو أثناء ممارسة الأعمال اليدوية، وأحيانا عبر الانترنت للقضايا المهمة عند المتلقي. يبقى الإعلام المرئي مهما بالنسبة لمعظم الناس حتى المتعلمين والمنشغلين بأعمالهم المكتبية والمهتمين بالتواصل الاجتماعي لأن التقارير والمقابلات التلفزيونية تنتقل بسهولة إلى الإنترنت وبذلك يكون الإعلام الأليكتروني مكملا للإعلام المرئي وساندا له وموسعا لتأثيره وانتشاره.

الطيف: كيف ترى ظاهرة الإعلام الجديد( New media) الذي ساهم بشكل كبير في عملية التغيير أو مايعرف بثورات الربيع العربي.. وهل سيستمر هذا الإعلام كمنافس حقيقي للإعلام التقليدي؟

الكفائي: الإعلام البديل ليس بديلا للإعلام التقليدي لكنه داعم ومطور له ومؤثر فيه ومتفاعل معه وهو بالتأكيد أثر في الإعلام التقليدي ورفده بالمعلومات وغيَّر من وجهته وسرعته ومدى تفاعل الآخرين معه بحيث أنه أصبح جزءا منه فالكثير من التقارير المكتوبة والمرئية تنشر في الفيسبوك والتويتر. أما السكايب مثلا فقد أصبح يستخدم من قبل وسائل الإعلام لنقل الأخبار والآراء وإجراء المقابلات وكذلك الفايبر والمسنجر. تأثير تويتر والفيسبوك فعال لأنهما وسيلتان منتشرتان كثيرا بين الناس وقد بدأت وسائل الإعلام تستخدمهما لنشر موادها والوصول إلى متلقيها.

الطيف: كيف ترى الوضع العام لوسائل الإعلام في ظل متغيرات الربيع العربي، وهل حقاً، مثلما يتردد حالياً، أن الربيع العربي أبعد تلك المؤسسات الإعلامية عن مهنيتها.. وهذا الأمر يطرح تساؤولاً حول تعريف المهنية في مواسم الحروب والازمات؟

الكفائي: الربيع العربي كان فرصة للعديد من وسائل الإعلام العربية كي تبرهن على مهنيتها وحياديتها وقد برز العديد منها وأصبح متابعا وزاد انتشاره، لكنه في الوقت نفسه كشف انعدام المهنية والحيادية عند وسائل إعلام أخرى كانت متابعة ومشاهدة سابقا. وسائل الإعلام المهنية لم تبتعد عن مهنيتها ولكن الموجهة التي كانت سابقا تطرح نفسها على أنها محيادة ومهنية قد انكشف أمرها وأجنداتها أمام الكثيرين. كذلك فإن الربيع العربي تسبب في نشوء العديد من وسائل الإعلام الجديدة الحرة بسبب غياب الدكتاتورية والهيمنة للأنظمة السابقة وانفتاح البلدان أمام الإعلام والاستثمارات ولا ننسى أن انتشار وسائل الإعلام هو الآخر مرتبط بالانفتاح الاقتصادي لأن الكثير منها يعتمد على الإعلانات التي تعتمد بدورها على النمو الاقتصادي والتطور في مجالات الحياة المختلفة.

كما كشف الربيع العربي عن محدودية بعض وسائل الإعلام في التعامل مع الوضع الجديد فبعضها لم يألف هذا الانتشار الواسع للأحداث والآراء الذي برز فجأة وكان مهيئا للأخبار والأحداث العادية. كما لم تتمكن بعض وسائل الإعلام العربية من التفاعل مع الجماهير العربية الثائرة والمطالبة بحقوقها لأنها لم تعتد على مثل هذه التغطيات. نعم الربيع العربي وضع وسائل الإعلام على المحك فمنها من نجح وتوسع ومنها من سقط وانكمش ومنها من تكيف وتوسع وتهيأ للتعامل مع أحداث مماثلة مستقبلا، وما تزال العملية متواصلة فالربيع ما زال في بدايته. في كل الأحوال فإن معظم وسائل الإعلام العربية فشل في اختبار “الربيع العربي”.

الطيف: على الصعيد الشخصي، ما الذي تفعله في بيروت؟

الكفائي: أنا هنا لعيادة أخي الذي يرقد في مستشفى الجامعة الأمريكية ببيروت منذ شهر أيار الماضي. وبيروت ليست غريبة علي فأنا أتردد على هذه العاصمة العربية الجميلة دائما ولدي فيها أصدقاء كثيرون.

الطيف: وماذا تفعل الآن في حياتك المهنية؟

الكفائي: أنا انتقلت إلى الحقل الأكاديمي منذ عام 2010 وبدأت بتدريس مواد الاقتصاد السياسي والسياسة الشرق أوسطية والسياسة العالم ثالثية في جامعة أكستر ثم انتقلت منذ مطلع العام الحالي إلى جامعة ويستمنستر في لندن وأدرِّس الآن مادتي الأدب العربي والإسلام والحداثة.

الطيف: وكيف وجدت العمل الأكاديمي؟ وهل تفضله على العمل الإعلامي؟

الكفائي: في الحقيقة أنا استمتع بالتدريس والنقاش مع الطلاب خصوصا طلاب العلوم السياسية في جامعة أكستر فقد وجدتهم نبهين جدا ومطلعين على الشئون السياسية المحلية والعالمية ومعظمهم درس في مدارس مرموقة أهلتهم بشكل جيد للدراسة الجامعية لذلك فإن على الأستاذ أن يتهيأ ويستعد كثيرا قبل الدخول إلى الدرس لأنهم سيحرجونه إن لم يكن ملما بالمادة من كل جوانبها لذلك كنت أقرأ كتابين أو ثلاثة كل أسبوع وكان العمل متعبا في البداية لكنني استفدت كثيرا على المستوى الشخصي إذ تعلمت الكثير. أما مادة الأدب فهي غزيرة وواسعة وأنا لم أكن بعيدا عنها سابقا فقد كنت مهتما بهذه المادة منذ الصغر لكنني ابتعدت قليلا عنها منذ عشر سنوات تقريبا ثم عدت إليها بقوة الآن… استمتع كثيرا بتدريس السياب والملائكة وأشعر بفخر أن هذين الشاعرين العراقيين العملاقين يدرسان في الجامعات الغربية. إنهما حقا فخر العراق. كما استمتع أيضا بتدريس شوقي وحافظ إبراهيم والرصافي والزهاوي والعقاد والمازني وأبو ماضي ونعيمة وباقي الشعراء العرب المتأخرين… وفي الوقت نفسه فأنا لم انقطع عن العمل الإعلامي فمازلت أكتب في صحيفة الحياة وأعمل جزئيا في مؤسسة إعلامية معروفة.

الطيف: وكيف يمكنك تدريس مواد مختلفة من الاقتصاد إلى السياسة إلى الأدب؟

الكفائي: لدي مؤهلات أكاديمية في الحقول الثلاثة بالإضافة إلى التدريس. لا تنس أنني أمضيت حياتي أعمل وأدرس في الوقت نفسه وحتى هذه اللحظة لم انقطع عن العمل أو الدراسة… والفترة الوحيدة التي انقطعت فيها عن الدراسة كانت المدة التي قضيتها في العراق في الأعوام 2003 و4 و5 و6. أنام خمس ساعات في اليوم وباقي الوقت كله للعمل والدراسة والقراءة والكتابة.

الطيف: لماذا ابتعدت عن المشهد السياسي العراقي؟

الكفائي: لم ابتعد عن الشأن العراقي ولا أعتقد أنني استطيع الابتعاد حتى لو أردت ذلك فالقضية العراقية محورية في حياتي وأنا أكتب عن العراق باستمرار في جريدة الحياة اللندنية وأزور العراق مرتين على الأقل في العام وأمضي هناك شهرين تقريبا في العام في بغداد والمحافظات والتقي بأصدقائي وزملائي السابقين وقد كنت في العراق مطلع هذا العام وسوف أعود قريبا في زيارة أخرى. كذلك فإنني على تواصل مع الكثير من الأصدقاء في المشهد السياسي عبر الهاتف والإيميل، ولأنني مستقل وغير منحاز فإن الجميع يثقون بي ويسالونني عن رأيي في الأحداث وأقوله لهم بصراحة وأشعر أنهم يتقبلونه مني لأنني لم أعد أنافس أحدا على منصب أو موقع ولا ابتغي من قول رأيي سوى المصلحة العامة.

الطيف: هل يمكن أن تعود إلى العمل السياسي؟

الكفائي: لن أعود وهذا قرار نهائي اتخذته مطلع عام 2006 بعد إعلان نتائج الانتخابات الثانية. أنا جربت حظي في العمل السياسي ولا داعي للمضي في طريق وعر وغير مجد خصوصا وأنني غير قادر على الانتماء لأي حزب أو مجموعة سياسية. أنا مستقل بطبيعتي وهذا لن يتغير. هناك مجالات كثيرة بإمكانني أن أكون مفيدا فيها خصوصا وأنني مستقل ومحايد بين القوى السياسية الحالية التي أتمتع بعلاقات ودية مع معظم قادتها، ابتداء من السيد رئيس الوزراء الذي تعرفت عليه جيدا أثناء العمل في الدولة في الأعوام 2003 و2004 و2005، والسيد مسعود البرزاني الذي عرفته جيدا أيضا في تلك الفترة، إلى الدكتور أياد علاوي والدكتور الجلبي والدكتور الجعفري والأستاذ الأديب والسيد رئيس الجمهورية والست ميسون الدملوجي والدكتور الباجه جي والأستاذ سعد صالح جبر أطال الله في عمريهما والدكتور حيدر العبادي والدكتور محمود عثمان والدكتور وليد الحلي الذين عرفتهم جميعا منذ أيام المعارضة للدكتاتورية في الثمانينيات والتسعينيات.

الطيف: هل وجدت مشتركات بين المجالين الإعلامي والأكاديمي؟

الكفائي: نعم. الإعلامي والأكاديمي يسعيان إلى تبيان الحقائق للناس. الأول علني ويستهدف الناس جميعا ويكون عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة والثاني خاص منحصر في الصف الدراسي ويستهدف شريحة معينة هي شريحة الطلاب بل ومجموعة محددة من الطلاب في حقل معين من حقول المعرفة ويتم عبر الاحتكاك المباشر في الجامعة. المجالان يشتركان في تقديم المعلومة للمتلقي والفرق بينهما هو في الأسلوب والطريقة اللذين تقدم بهما المعلومة إلى المتلقي.) .

http://www.alteif.com/?p=11229